أين الرئيس هادي ؟ الواقع لا يدعو للطمأنينة والثقة، فما حدث في صنعاء خلال الأشهر الفارطة يمكن تكراره في عدن أو تعز أو المهرة . كيف لا والرئيس هادي مازال أدائه لا يرتقي لمصاف اللحظة التاريخية؟.
غياب وتردد وحيرة وارتباك لا يستقيم مطلقا مع طبيعة الخطر المحدق . .بودي لو انه يمسك ببوصلة القيادة وألا يتركها لأحد غيره ولو كان هذا الواحد نجله أو شقيقه أو أخلص خلصائه .
لا مقارنة بين هادي والبيض ،والأمر ينطبق أيضا على الوضعية الراهنة ومقارنتها المختلة بوضعية ما بعد توقيع ما سمي حينها بوثيقة العهد والاتفاق في العاصمة الأردنية عمَّان في 20فبراير 94م .
ما بين الحالتين هنالك مسافة فاصلة قدرها عشرين سنة ضوئية أو يزيد ، فخلال هذه الحقبة بلا شك تكونت قناعات ،وتبدلت معطيات ومواقف ، وتشكلت أدوات ووسائل مغايرة لما ساد وعُرف وكان سببا في هزيمة مشروع الدولة الموحدة الحديثة بمقياس ذاك الوقت .
ما هو قائم وسائد الآن يمثل قوة دفع وحسم في حال تم توظيفه بنجاعة من الرئاسة الانتقالية .خمسة أقاليم أعدها كافية لمنح الرئيس هادي فرصة تاريخية كي يثبت ويبرهن للجميع بأنه جدير بقيادة المرحلة وفي تجاوز الأزمة السياسية ، فصنعاء اليوم غير صنعاء الأمس وعدن الحاضر غير عدن الماضي .
نعم فالرئيس هادي وعلى ضآلة ما هو متوافر لديه من إمكانيات مادية ومؤسسية وعسكرية ونقدية ولوجيستية ونفوذية كتلك التي سنحت لنائب الرئيس البيض ؛ لكنه ومع سوءة الوضعية القائمة يمتلك بالمقابل ما هو أهم من الطائرة والدبابة والورقة النقدية .
فلديه المشروعية السياسية المستمدة من كونه محل توافق وإجماع سياسي وشعبي ودون منازع ،المسألة الأخرى يحظى بدعم إقليمي ودولي ، إما العامل الأهم ففي يديه مقررات ودستور يؤسس لدولة اتحادية ،وهذه المقررات ليست وليدة حوار الفرقاء السياسيين مثلما هو حال التوحد السياسي أو وثيقة العهد وإنما هي نتاج حوار دام عشرة أشهر وبرعاية إقليمية ودولية .
وإذا كان الرئيس هادي في وضعية سيئة للغاية فإنه بالمقابل يملك فرصا لتغييرها إذا ما أحسن استغلالها .هذه الفرص اعتقد أنها لم تتوافر لسواه . لا فائدة ترجى من الإسهاب في الفرص المهدرة ، فالمهم برأيي كامن برؤية رئاسة متحررة من أغلال إخفاقها الذريع ، ليس عيبا في أن يفشل الإنسان فلولا الفشل ما عرفنا النجاح .
الرئيس هادي أظنه بحاجة ماسة لمصالحة اليمنيين الذين وبرغم تذمرهم وسخطهم من أدائه خلال ثلاثة أعوام لم يفقدوا أملهم في رئاسته ، يتوجب عليه مخاطبتهم مباشرة كيما تزول كثير من الهواجس والمخاوف ،يجب أن يتحدث إليهم وبكل صدق ووضوح بحيث لا يترك مساحة فراغ تكبر وتتمدد يوما عن يوم .
الناس لا تكترث ما إذا كان خطاب الرئيس يفتقر للفصاحة والكياسة ، فالمهم وفي ظرفية حرجة كهذه هو بما تقدمه الرئاسة للناس من أمل وتفاؤل وثقة ، وهذه جميعها يستحيل تحققها في ظل هيمنة البطانة الفاسدة التي كانت سببا في إيصال الرئاسة إلى الإقامة الجبرية .
أسبوعان تقريبا على إفلات الرئيس ونزوحه إلى عدن ، لا جديد تحت الشمس ،كأن الرئيس لا يكون شرعيا إلا بالمؤتمر الشعبي وبياناته ،لا يكون رئيسا إلَّا بمساندة الإقليم ومجلس الأمن تسال وبحيرة : من يحتاج للأخر ؟ الرئيس للمؤتمر أم المؤتمر للرئيس ؟ هذه مجرد غيض من فيض الأداء السقيم الذي لا يستقيم مطلقا مع ما ينتظره عوام اليمنيين التواقين لرؤية رئيسهم وقد خلع عن نفسه رداء السنوات الثلاث .
محمد علي محسن
لا مقارنة بين هادي والبيض!! 1591