استطاع أعداء الإسلام أن يصنعوا ممن ينتسبون للإسلام أدوات بأيديهم يستخدموهم للإساءة للإسلام، بعض هؤلاء مغسولة عقولهم وغرست أفكار ومعتقدات ضالة في معتقدهم، والبعض الآخر مدسوسون في صفوفهم يتظاهرون بالغيرة على الإسلام والمسلمين وهم يخططون لجرائم نكراء ينفذونها بواسطة أولئك المغسولة أدمغتهم الذي يتحولون إلى معاول هدم للإسلام, يفجرون بأنفسهم في أوساط الأبرياء من الناس معتقدين أن هذه الجرائم اقصر الطرق وأسرعها لنيل الفردوس الأعلى في الجنة، معظم ضحاياهم- إن لم يكن كلهم- من المسلمين، وصنف آخر يرفع شعار الموت لأمريكا الموت لإسرائيل، وواقعهم يناقض شعاراتهم، يقتلون إخوانهم المسلمين بمبررات ما أنزل الله بها من سلطان، يعطون لأنفسهم الحق والشرعية في الحكم والتحكم ويسلبون حقوق من يخالفهم بالفكر أو المذهب، مفرقين بين أبناء الدين الواحد بفرز سلالي أو مذهبي، يصمون من يخالفهم بالداعشية والناصبية والتكفيرية، ويستحضرون كل المصطلحات المسيئة، يعتقدون أنهم أصحاب حق مطلق وغيرهم أهل باطل مطلق، وبين هؤلاء وأولئك ضاع الإسلام وشوهت صورته أمام الأمم الأخرى، وأصبح المسلمون يسفكون دماء بعضهم بعضاً وكل طرف يدعي انه مجاهد في سبيل الله وقتلاه شهداء عند ربهم يرزقون، وأصبحت بلاد المسلمين مسرحا لجرائم شنعاء وميدانا لصراع أعداء الأمتين العربية والإسلامية أدواتهم هؤلاء المسلمين الذين ظل سعيهم وتنكبوا عن طريق الهدى وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، فأصبحت كلمة إرهاب في أذهان الناس مرادفة لكلمة إسلام ظلما وزوراً بتخطيط يهودي صهيوني وتنفيذ هؤلاء المحسوبين على الإسلام والمسلمين، فهل هذا هو الإسلام؟؟؟؟
لا نشك لحظة أن الإسلام مفترى عليه من هؤلاء جميعا وأنه بريءٌ من هذه التهم والسلوكيات، فدين الله الإسلام دين الرحمة، يقول الحق سبحانه في محكم كتابه: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وهو دين القيم ومكارم الأخلاق، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وهو دين المساواة بين بني البشر جميعا بغض النظر عن دينهم أو لونهم أو جنسهم ولغتهم، يقول سبحانه: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم) وقال تعالى:( من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) وهو دين الحرية في المعتقد يقول الحق سبحانه: ( لكم دينكم ولي دين)، ويقول عز من قائل: ( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر)، ويقول أيضا:( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) وهو دين العدل قال عز وجل: ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ)..
ويقول سبحانه:(وزنوا بالقسطاس المستقيم). وهو دين العفو والمسامحة: (فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ) ويقول عز من قائل: ( فمن عفى وأصلح فأجره على الله).. وهو دين الحرص على هداية الناس لا على قتلهم، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:( لآنْ يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم).
هذا هو دين الله الخالد، فأين هؤلاء الذين يدعون وصلا به من هذه القيم الفاضلة والمبادئ السامية والإرشادات النبوية والتوجيهات الربانية؟ إنهم بعيدون كل البعد عنها بل يسيئون للإسلام أشد من إساءة أعداءه له، فأين العلماء الصادقين المتجردين ليوضحوا للناس ما التبس عليهم، وليبينوا زيف ادعاء هؤلاء وأولئك، ويدعوا إلى الله بالحسنى ويجادلوا الآخرين بالتي هي أحسن.
لن يتغير حالنا إلا إذا تغيرت أفكارنا ونقيت من الأدران والأمراض والمعتقدات الخاطئة، وفهمنا جوهر هذا الدين ونقائه وسماحته.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
محمد مقبل الحميري
شوهت حقيقة الإسلام بسبب هؤلاء المسلمين 1438