إن حجم الغفلة التي يعيشها فرقاء القضية السياسية في اليمن تجعلهم في منأى كامل عن حقائق اجتماعية وإنسانية وعقائدية أساسية هي حجر الزاوية في لعبة التحالفات المشروعة وغير المشروعة مع وضد الجميع لكن ليس لمصلحة الجميع.
فالمجتمع اليمني برمته يعيش مفصولاً عن قرارات مصيرية هامة يتخذها من نصبوا أنفسهم وكلاء لشعب له جذوره التاريخية وكيانه الجغرافي، وليس هذا فحسب بل إن هؤلاء يحاولون الظهور على شاشة الحدث السياسي بوجه عابس كئيب كأسوأ ما يمكن أن تظهر عليه وجوه السياسة المتعددة التي تتلون كحرباء قذرة، وهذا بدوره يظهر الرأي العام اليمني كزورق تائه في عرض البحر بينما يستطيع الشعب اليمني تحديد احتياجاته والتعبير عن رأيه بوضوح تام وكأفضل ما يمكن.
وعلى المستوى الإنساني تفشل تلك التكتلات السياسية الضحلة عن توصيف البنية الأساسية للإنسان اليمني، فهي تبني اعتباراتها ووجودها القتالي على هيكل الضعف المعيشي الذي يعانيه هذا الإنسان والذي يجبره على توقيع اتفاقيات وهمية وغير مشروعة مع أطراف مستغلة ربما وفرت له الفتات الذي يسد رمقه لكنها تعجز وباستمرار عن توفير التوازن النفسي والقناعة الفكرية بمبادئها لدى هذا الطرف الضعيف الذي يرتئي الأمن وينشد الاكتفاء المعيشي.
أما من ناحية عقائدية فإن نسف المبادئ الأيديولوجية الذي تسعى إلى تحقيقه بعض الأطراف كحركة تصحيحية للنيل من خصومها داخل نفس الدائرة الأيديولوجية تلك يجعل من كل طرف مناوئ ضمن الدائرة عدواً بقدرات قتالية مختلفة.
ولهذا فإن الحوار والدعوة للتعايش والتسامح ونبذ المصالح الشخصية الضيقة والعمل بمخرجات الحوار وتعميم آلياته بين كافة أطراف المشهد السياسي هو الحل للخروج من صومعة الجدال وفرز النقائض والتشهير بالسوءات.
فالمقام لا يحتمل كل هذا الصراع كما أن الفيصل في هذا شريعة ربانية ومنهج محمدي لا يجب أن تكثر من حولهما النزاعات حول لا شيء ولا هدف.
على هؤلاء الفرقاء الذين يتمطى بعضهم على جماجم الشعب أن يتقوا يوما يرجعون فيه إلى الله، فما عساهم قائلون لربهم إن كانوا هم سبب فتنة عريضة وفساد كبير؟!... هل سينفعهم حينها دعم خارجي، أو قوى داخلية مساندة؟ هل سيجدي نفعا حنكتهم السياسية! وذكاؤهم المتقد في إدارة الأزمات؟ هل سيحول بينهم وبين عذاب جهنم أموال وأبناء وأزواج وعشائر ومناصب وحصانات؟!!!
ألطاف الأهدل
واتقوا يوما ترجون فيه إلى الله: 1345