في لحظة صمت مغلقة بين يدي الذكريات تعيش أرواحنا الهاربة من واقع مقيت يكاد يفتك بها لتراقص لحظات الفرح وتمسح عن وجنة الحزن أدمع الشجن.
نعيش في دائرة أحلام مبتورة نفشل عن جعلها مفهومة أو معقولة، ذلك لأننا نعجز عن فهمها بعد أن شوهتها يد السياسة ورغبة السياسيين.
لهذا تبدو أحلامنا مثل فسيفساء محطمة، جميلة لكنها مهملة، نسابق قوافل الزمان والمكان مغمضي الأعين لنصل إلى لحظة اقتناع بما نسمع ونرى خلف أهدابنا المتهدلة بحزن وانكسار، لكننا نعود بمجاديفنا إلى الخلف كلما بزغ فجر للأمل لا تعرفه أعمارنا لكن قد تعرفه أقدارنا.. نتشبث بخيوط الضوء من خلفنا لتبقى صدورنا مفتوحة حتى لو تعرت ظهورنا وانحنت الآفاق أمامنا مستسلمة.
تلك اللحظة التي نقف فيها خلف قضبان اليأس تتدلى أطرافنا كالمشانق ليست لحظة موت أبداً، لكنها لحظة ولادة جديدة نغادر فيها بطون أمهاتنا من جديد بعد سنوات من الحرية الكاذبة والألم الساحق.
إننا نحاول اجترار ذكرياتنا الجميلة والقبيحة من صناديق قلوبنا دون أن تكون لدينا القدرة على الصفح أو النسيان، لهذا نبقى أولئك الأسرى في قبضة الماضي تحيط بنا ذرات الصدأ من كل جانب. ذكرياتنا قاسية وقلوبنا مزدحمة بالجراح وليس لدينا مفاتح لغد أفضل فكيف نقلب أكفنا ذات اليمين وذات الشمال بلا بصيص أمل ؟! كيف نغادر تلك القمة بلا صراط؟! كيف نعبر إلى شاطئ آخر بلا سفين؟! ...
السياسة لم تحبس أحلامنا فقط ولم تبتر حواشيها الجميلة فحسب، بل زرعت في حناياها ألغاما موقوتة ودججتها بعبوات ناسفة وأشعلت حولها نيران الفتنة وألقمتها مضغة الكراهية حتى باتت أحلامنا مثل أكوام الرماد الذي تستلقي دونه براكين الموت الموقوت وهزات الألم الخامل.
لا نشبه أنفسنا حين كان كل منا مرآة للآخر ، لكننا نأتلف ونختلف تحت راية الكبار الذي ساقونا إلى الفناء سوقا مكبلين بالأغلال ! كبارٌ رأينا على جباههم الحكمة وظننا أن فيهم مؤمنون بيوم تتقلب فيه الأبصار ، لكنهم خارجون عن صف الوطن وليس لديهم قلوب يسكنها الخوف من ملك الملوك ، لذا نحن هنا على هذه النقطة الساخنة في سطر الانقسام، ولا ندري هل سنغلق الكتاب الذي خطته يد البطش والجنون أم سيبقى مفتوحاً حتى يأتي الله بأمره؟!
ألطاف الأهدل
أحلام مبتورة 1468