معركة نهم معركة فاصلة في التاريخ العسكري اليمنى...
بكل المعايير العسكرية لم يكن بالإمكان تجاوز جبال "فرضة نهم" الفاصلة بين مأرب وصنعاء، من قبل الجيش الوطني والمقاومة الشعبية...
قال أحد القادة الحوثيين وهو ينظر إلى الجبال الشاهقة، وما أعدوا فيها من أسلحة ومقاتلين "لن يهزم من يمتلك هذه الجبال، وإذا سيطر عليها "الدواعش"، فهم على الحق"...
قالها ساخراً من المقاومة والجيش الوطني:
كان الحوثيون يتهيأون في الجبال بخنادق وأهوار وكهوف ملئت سلاحاً ومقاتلين، وكانوا يقفون على أرضية صلبة...
فجأة انتحى مقاتلو الجيش الوطني والمقاومة إلى اليسار من خط مأرب صنعاء، وتسلقوا الجبال، في عملية التفاف كان فيها من المغامرة والمجازفة الشيء المثير والكثير...
شق المقاتلون طرقاً التفافية في جبال وعرة، حتى وصلوا "نهم" وأصبحت الفرضة وراء ظهورهم...
التفوا على الفرضة، ومن ثم التفتوا إليها، وفوجئت المليشيات بالرجال يأتونها من الخلف، ويقتحمون عليها الأسوار والخنادق والكهوف..
حالة من الانهيار التام أصابت الحوثيين...
أحد الأسرى من القادة الميدانيين يقول والجيش الوطني يقدم له العلاج: رسالتي للحوثيين "انسحبوا.. فلتوا لكم، ما بش أميركيين كلنا مسلمون"...
نهم تحررت...
والحوثيون يعيشون أوهام صاروخ "توشكا" واحد، انطلق من منصة شاشة "المسيرة"، وقتل "الآلاف من المحتلين والمرتزقة، ودمر عشرات الأباتشي، وعشرات أف ١٦، ومئات الصواريخ البالستية، قبل أن يدمر مدارج القاعدة الجوية في العند..."
نهم تحررت...
ولا تصدقوا الذين تناولوا القات في قصر الإمارة في عسير...
الذين أطلقوا صاروخاً من عمران وأصاب بدقة "برج الفيصلية" وسط العاصمة السعودية الرياض...
الجيش والمقاومة في أول مديريات صنعاء، وصاروخ الحوثيين ما زال منذ شهور يحلق في الجو في طريقه إلى برج الفيصلية...
وما زال الحوثيون يتناولون القات في قصر إمارة عسير...
ما زالوا يمضغون أحلام الساعة السليمانية...
أنقذوا ما تبقى
انتقم الحوثيون من الجيش اليمني شر انتقام، ورطوه في حرب غير متكافئة، زجوا به في معركة ضد أبناء شعبه في الداخل، ومع جيرانه في الخارج.
لم يكفهم تبجح محمد البخيتي بأن جماعته قتلت الآلاف من عناصره، بل زادوا من حقدهم عليه بتعريضه لأكبر حملة جوية في تاريخ اليمن والخليج، الأمر الذي أدى إلى انقسامه، أو تزايد انقساماته الحاصلة – أصلاً - قبل سيطرتهم عليه.
الجيش الذي أنشأ للدفاع عن الجمهورية اليوم تتحكم به – للأسف - عناصر أقرب إلى أحمد حميد الدين منها إلى محمد محمود الزبيري.
ما هو المطلوب؟
المطلوب تصرف عاجل وسريع لإنقاذ ما تبقى من الجيش، على قادة الألوية المسارعة إلى إعلان البراءة من الحوثيين، عليهم الانضمام إلى رفاق سلاحهم الذين يقفون في وجه هذه المليشيات الغريبة على فكرنا وثقافتنا، عليهم إعلان وقف إطلاق النار، في تعز والبيضاء وشبوة والجوف وغيرها من مناطق القتال، مع زملائهم الذين يقاتل الحوثيين، ولو من جانب واحد.
لم يعد هناك وقت للمناورات.
ليست هزيمة أن يتخذ القائد موقفاً يحافظ به على ما تبقى من ضباطه وأفراده وسلاحه، الهزيمة أن يخضع الجيش لمنطق العصابة، أن يسير وراء المليشيا، أن ينخدع بأن هؤلاء يدافعون عن الوطن، وهم لا يدافعون إلا عن سلطتهم ومصالحهم على حساب دماء الأفراد والضباط.
بالله عليكم.. ألم تشعروا بالمهانة وأنتم ترون اللواء القدير علي الجايفي، وهو يستمع كتلميذ "بالغ التهذيب"، إلى محاضرة من محمد علي الحوثي. علي الجايفي صاحب التاريخ العسكري، والرجل الذي حاول أن ينقذ "الشهيد القشيبي"، يستمع إلى محاضرة يلقيها قاتل القشيبي!
ما الذي جرى لهذا القائد العسكري، لهذا الجيش، لهذا الوطن؟!
يجب تكرار ما قيل سابقاً:
الحرس الجمهوري ليس حوثياً...
صحيح أنه سُلم لقيادات حوثية أو متحوثة أو متعاونة، تحكمت به لكن ضباطه وكافة منتسبيه ليسوا حوثيين، والمنطق يقتضي التخلص من هذه القيادات، لا من ضباط الحرس وأفراده، الحكمة والشجاعة تقتضي أن ينتفض الحرس ضد قيادته التي سلمته للحوثي.
على ضباط الجيش الكبار الذين أغلقوا عليهم أبوابهم، واعتزلوا الحرب مسؤولية تاريخية في التواصل الآن لتشكيل قيادة وطنية موحدة تخرج الحرس الجمهوري والمؤسسة العسكرية والأمنية كلها من هذه المحرقة.
لا أحد يريد حرباً في صنعاء، حرب في صنعاء ستكون جريمة يتحمل وزرها الحوثيون وحلفاؤهم من العسكر.
لتجنيب صنعاء الدمار على القوى الأمنية والعسكرية فيها أن تواجه عصابات عبدالملك التي أهانت المؤسستين العسكرية والأمنية، ودخلت العاصمة بقوة السلاح.
الوقت يمضي والذين يتحدثون عن الدفاع عن العاصمة مجرد مجموعة من الانتهازيين، هرَّبوا أموالهم وأسرهم خارج البلاد، ونزلوا إلى الأقبية والأنفاق، يريدون معركة في العاصمة حتى آخر قطرة دم في عروق مدينة سام.
المقاومة اليوم في نهم، وغداً ستكون في أرحب، وبني الحارث وهمدان، وغيرها من المناطق والقبائل، وإذا تم دخول صنعاء بالقوة، فإن رؤوس الفتنة ستهرب، وستدفع المدينة وأهلها ثمن نزوات عبدالملك وجماعته.
هل سنغتنم اللحظة؟ هل ننقذ ما تبقى من الجيش، من صنعاء، من اليمن؟
يحدث أن تـُتخذ القرارات التي غيرت مجرى التاريخ في جزء من الثانية...
د.محمد جميح
أحلام الساعة السليمانية 1558