يوم ثارت رياح ربيع التغيير أثارت في نفوس أبناء تعز أشواق الحرية؛ مرت نسائمها بروابي تعز؛ فتحركت المدينة الوادعة المحيا, هبت الحالمة, الفاتنة, عذبة الأمسيات؛ لتغدو بناسها موج صعود يتسنمه شعب اليمن نحو المطالب العلية؛ خرج حينها أهالي تعز ليرسموا لوحة مجد على خارطة الزمن..!
صاغوا بخطى ثابتة وعزائم فتية ماضية, ونضال سلمي مدهش ملحمة خالدة, وبسلاح القوة الناعمة وشموا على جبين التاريخ أسطورة كفاح لن ينسى..!
وسقط الطواغيت على مرأى ومسمع من الكون الذي اشرأبت أعناق بنيه, وطار فكره شعاعا وألجمته المفاجأة؛ فجمد لحين يرقب شعبنا وهو يولد من رحم المعاناة جلدا صبورا عصيا على الانكسار..
ما حدث بعدها شيء ستفسره الأيام..!
نحن في حدث اليوم مزهوون بتعز وهي تمزق قيدا جديدا لف حول إبائها وشممها ليخنقها ببطء؛ فانتفضت ببسالة واستعصت عليه..!
يدرك العالم اليوم بأن هذه المدينة الأصيلة أرضا وإنسانا لن تركع ولن تقهر ولن تبيع..!
الثورة أهاجت في نفوس أبناء تعز أشواق الحرية, والغزو الهمجي أهاج فيهم أشواق البطولة.. تعز ذهب تصقله المحن!
خرج رجال وشباب تعز جماعات وأفرادا لينتصروا لهويتهم, لمدينتهم, لكرامتهم, لعزتهم, لثورتهم, لعهود شهداء 11فبراير..!
قدمت تعز أعز ما تملك في سبيل النهوض الكبير لليمن الماجد..
أبناء تعز ليسوا طائفيين ولا مناطقيين ولا تحركهم عصبية قبلية أو جهوية أو مصلحة ضيقة..
كانوا أثناء ثورة التغيير يثرون بزخم حضورهم جميع ساحات الحرية والتغيير, وكانت الأرض اليمن الطيبة ترتوي من دماء أبناء تعز بطول الوطن وعرضه..!
أبناء تعز يحملون بين جنوبهم قلوبا تحوي زخم وطنية لا تقارن!
في تعز الصمود بوجه المد الهمجي, ارتقى شهداء من شتى الفئات, بتنوع مدهش ارتقى شهداء من مثقفيها, علمائها, معلميها مهندسيها أطبائها.. جنودها, تجارها.. شبابها ومراهقيها, وحتى ارتقى في ساحة الرباط والكرامة شباب من متسكعي طرقاتها..!
تعز صاغت ملحمة فداء ليس لها نظير..!
لقن أبناء تعز الغزاة القادمين من مجاهل وظلمات الكهوف درسا لن ينسوه, جعلوهم يدركون بأن النزول إلى تعز ليس نزهة, وأن تعز ليست صيدا سهلا لكل باغ وطامع ومعتد..!
حتى نساء تعز سكبن مسك عروقهن فداء للمدينة الشامخة عبر التاريخ!
تعز العلم والأدب والثقافة والفن وأيوب طارش.. تعز الرسولية.. تعز المدد.. تعز قلب اليمن النابض بعزف الإخلاص الأبدي لهذه البلاد العظيمة الضاربة بعراقتها وتساميها ومجدها وتفردها في صلب التاريخ الإنساني..!
تعز اليوم تزف نصرها عرائس وفاء للوطن, لكل اليمانيين, لأرواح الشهداء, لقلوب المهجرين النازحين المشتاقين.. لكل العرب التواقين لنصر يرد لهم فخرهم بهويتهم, يرد لهم احترامهم لعروبتهم, لذاتهم الجمعية..!
شكرا لك تعز الصمود.. شكرا لكم أبناء تعز المتفردون.. وشكراً لله من قبل ومن بعد..!
نبيلة الوليدي
تعز..في يوم عرس الهوية..! 1173