مما لا شك فيه أن معاناة جرحى المقاومة غير خافية على أحد ومع ذلك لا تجد من يهتم بهم او يأبه لحالهم أو يرعى شؤونهم كما ينبغي ، ومن المؤسف ان يصل الفساد للاسترزاق من معاناة والآم وانات اولئك النفر الذين قدموا أرواحهم رخيصة فداءً واقداماً وضربوا أروع أمثلة البذل والعطاء وجادوا بالنفس وجسدوا معنى التضحية الحقة والوفاء دفاعاً عن الأرض والعرض فكان الجزاء من بعض المحسوبين على مهنة الطب عدم إعطاء تقارير السفر للمستحقين في حين صرفت بكل أريحية للصفوة المقربين والتابعين لهم...
نعم قد وصل الأمر الى إهمال الكثير منهم الذين هم اليوم بين مقعد ومعاق عن الحركة او النطق أو البصر وبين من يرقد طريح الفراش بعد أن تغلغلت الشظايا في جسده أو بقرت بطنه ومزقت أحشاؤه الداخلية بل وهناك منهم من ما زال يكابر متغلباً على الالم ويتحرك رغم الشظايا التي باتت تشكل خطورة على حياته بسبب تغلغلها وعدم الاسراع في استئصالها وجراء طول المدة الزمنية التي مضت على وجودها في اجسادهم فالعين بصيرة واليد قصيرة وقصيرة جداً ومع ذلك لم يعتقها الفساد بل اجتهد ما بوسعه أن يبترها تماما
وهاهو أحد أفراد المقاومة أنموذجاً حياً قد اتجه إلى مصر بغية العلاج على نفقته الخاصة غير أن النصح له كان بالتوجه إلى الأردن حيث الطب المتقدم لمثل حالته إلا أنها الإمكانيات قد كبلته وحالت دون وجهته وإجراء عمليته هناك ليجد نفسه في وضع حرج أيعملها مجازفة أم يعود الى أرض الوطن عل الله يحدث بعد ذلك أمرا ويجد من يمد له يد العون استحقاقاً لا إحساناً ويتحمل معه ولو جزءً من النفقات العلاجية.
ولك أن تتخيل معاناة الأمهات في الداخل عدن ولحج و.. وهي تتنقل بين العيادات و المستشفيات في صمت لأنها تدرك تماماً أن الشكوى لغير الله مذلة وكونها على يقين بل وتدرك تماماً انها لن تجد من يرثي لحالها ويشفق عليها وولدها الذي قدم روحه بسخاء لوطنه ولما أصيب لم يجد من يأخذ بيده لأسباب الشفاء
من المؤكد أنه ورفاقه يندبون حظهم العاثر ولعلهم يرددون في قرارة أنفسهم تلك المقولة الخالدة ألا لعنة الله على شعب أردنا له الحياة فأراد لنا الموت مع مفارقة بسيطة وجلية أن من أراد لهم الموت هذه المرة ليس الشعب بل كل مسؤول فاقد للضمير ممن أوكل إليه أمرهم فاستغله أسوأ استغلال بفساده وشراهته وبشهيته التي فتحت كجهنم باحثة عن المزيد للاسترزاق والكسب والمحاباة والمجاملة على حسابهم وجراحهم مادياً، ومعنوياً، ونفسياً.
وكم هو مؤلم ومؤسف أن تسمع عن حالات تم تسفيرها ذات إصابات طفيفة بل معدومة في حين تهمل حالات بالغة الخطورة التف عليها أخطبوط الفساد وأطبق عليها أذرعته بإحكام ابتداءً من الطبيب وتقاريره، وموافقة اللجنة باعتماده، ومتطلبات السفر ومستلزماته، وهكذا كلما فرجت حلقه أطبقت عليه الأخرى.
وهو ما تسبب في بث الخيبة في نفوس البقية التي مازالت تتنقل بين المستشفيات الخاصة في الداخل والخارج بحثاً عن أسباب الشفاء ويأساً من المتابعة وخيبة الرجاء التي وجدها من سبقهم وعانوا لأجلها الأمرين أبواب مؤصدة ومتابعات شاقة ومنهكة ثم بعد ذلك كأنك يا بو زيد ماغزيت..
ومما لاشك فيه أن هذه التصرفات اللا مسؤولة قد أدت إلى عزوف الكثيرين من متابعة الجهات المعنية وذات العلاقة وإنك لتعجب حين ترى المرتبات كيف تستثنيهم بل تضل طريقها إليهم وكل من استشهد من رفاقهم حتى في وقت أنهم وأسرهم في أمس الحاجة إليها فقد كبر عليها أي تلك الجهات المعنية أن تطرق باباً لعزيز منهم أو شهيد للاطمئنان عليه وتفقد أحواله وأسرته في حين أنها تذهب بكل يسر وسهولة إلى من هم بالي بالك من دون استحياء وفي وضح النهار وما بين السر والجهار..
هذه كلمة حق وددت إيصالها للمعنيين لا للمسترزقين وكذا لهادي ومن في حكومته من المتقين علها تسهم في إنصاف الذين تحملوا مسؤولية وطن وعجز الوطن عن تحمل مسؤوليته تجاههم بسبب الفساد ومتنفذيه.
ونؤكد هنا أن الهدف من المقال إنصاف المستحقين وليس ضخ المزيد من الأموال وإنما تحري الجدية وتقوى الله في اختيار النزاهات وتفعيل قانون المحاسبات للمخلين وحينا فقط ستكون الدنيا بخير أما عدا ذلك فعلى الدنيا السلام.
عفاف سالم
أين الشرعية من معاناة جرحى المقاومة في عدن وأخواتها؟ 1006