تشرفت بفضل الله تعالى بمشاركة نحو 25 عالماً من علماء اليمن من مختلف المكونات في صياغة الميثاق ومناقشته.. فأشهد الله أني سررت كغيري بمدى ما تحلى به العلماء من كفاءة وأخلاق وتطاوع وتواضع وحرص على وحدة الصف.
لا عجب فقد جاءت هذه الصفات الجميلة موافقة لما شهد لهم به الحديث المتفق عليه من قوله صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن (هم قوم أرق قلوباً وألين أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية، والفقه يمان).
وأدركت كغيري أن الجفوة بينهم كانت وهمية مصنوعة بأيادي خفية تعمل على توسيع القطيعة والفجوة.. فما أن جلس بعضهم إلى بعض حتى رأينا ولأول وهلة أن كل المؤشرات العلمية والنفسية والأخلاقية تدل قطعا على نجاح مشروع الميثاق بإذن الله بالرغم مما يكتنف بنود الميثاق من جدال وخلاف سابق طالما كان له أثره السيئ في التنازع والفشل.. وهي بنود منهجية متنوعة في مواضيعها إلا أن مشروع الميثاق نجح بامتياز بتوفيق الرب تعالى ثم ما تحلى به العلماء من تحر للحق ونبذ للتعصب الفقهي والحزبي. حتى أنك تفاجأ بما يشبه التوافق التام المسبق على المضامين محل البحث كما يفاجئك ما تجده من معارضة الشيخ لزميله في المكون الواحد بلا أدنى حرج.. وجاءت المناقشات لتعمق من رصيد المحبة والتعاون بيننا. ولعل لاستشعار الجميع خطر المرحلة وأهمية نجاح المشروع ودعم المقاومة والدعوة بوحدة الصف بوحدة المنهج إضافة إلى ما سبق أثره الطيب في هذا النجاح المبارك والقبول العام والشهرة الواسعة للميثاق المبارك.
ومما يعزز ثقتنا بأن النجاح حقيقي- لا كما يدعيه المغرضون من كونه مؤقتاً صورياً - توقيع كبار العلماء عليه ومن سائر المكونات، وانتماؤهم في الأصل لمذهب أهل السنة والجماعة، والتزامهم بإلزام أنفسهم ومكوناتهم ومن ورائهم بالموافقة العلمية والعملية على بنوده. وكذا وسمه (بالميثاق) وهو لفظ أقوى من مجرد العقد أو العهد مما يحتم على العلماء الوفاء به.
وكان حرص الجميع على أن يحظى بالتوقيع عليه في مبنى وزارة الشؤون الإسلامية وبإشراف معالي الوزير وأصدقاء اليمن المعروفين بدعمه وحمل همه مما يقوي من مصداقيته.
ومما يدل على حكمة العلماء وتواضعهم وحرصهم على مراعاة السياسة والمصلحة الشرعية ومقصد جمع الكلمة ووحدة الصف ودعم المقاومة وهو المقصد الذي لأجله كتب الميثاق ما رأيناه من حذف العلماء للمادة (30) من الميثاق وهي المتعلقة (بأهل البيت) رغم الإقرار بها علمياً لاعتبارات مصلحة جمع الكلمة ومنعا من الفهم الخاطئ الغالي فيها. هذا الفهم الذي طالما استغلته الحوثية لنشر عقيدتها المنحرفة وفرض عدوانها على الشعب وسطوها على السلطة ومؤسسات الدولة لذريعة التميز السلالي الوراثي لإذلال العامة بمنطق السادة والعبيد أو الأشراف والوضعاء أو القناديل والزنابيل .
كما كان له الأثر السيء على المقاومة في الأرض والتي تقتل تحت هذه الذريعة الفظيعة. وهو ما أدلى به علماء وساسة واعلاميون لعلماء التنسيقية في حوار هادئ هادف في مجمله حظي بموافقة أغلبية علماء التنسيقية مراعاة لفقه المصلحة والمآلات، ولم يكن الأمر كما صوره بعضهم أنه مجرد رضوخ واستسلام لبعض سفهاء الإعلام الذين أساء بعضهم الأدب مع العلماء. وأعجب منه إساءة بعض المنتسبين للعلم والدعوة الأدب والظن بالعلماء كما فعل السفهاء.
إن من مقتضى الحكمة السماع للإعلاميين والساسة والعلماء الذين اقترحوا حذفها للاعتبارات السابقة وهم شريحة لالايستهان بها في ضرورة فقه الواقع ونصرة الدين والذود عن الوطن وبذل النفس لأجله وهو مهم أيضا في تحقيق وحدة الصف وقوة الميثاق.
ومعلوم أن من قواعد الفقه (دفع المفسدة الأعلى بارتكاب الأدنى) (وتحقيق المصلحة الأعلى بتفويت الأدنى).
وإذا علمنا قبول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالبنود الجائرة مع المشركين في صلح الحديبية فما دونه ومع المسلمين الصادقين من باب أولى وكذا تركه لبناء الكعبة على قواعد إبراهيم وتركه قتل رأس النفاق لئلا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه.
وعجيب أنك ترى من أضج مسامع العلماء بضرورة توحيد صفهم ثم يخذلهم لمسألة محلها كتب العقائد حيث لم يضمن الميثاق التعرض لجميعها !.
وأعجب منه من يتظاهر بعدم التنازل عن شيء من الدين وواقعه على العكس في مداهنة المفسدين!!.
دعوة إلى سائر المكونات علماء ودعاة وطلاب عامة ومن وراءهم لحسن الظن والأدب مع علمائهم، وتقوى الله تعالى في ترك تعاطي كل ما يخلخل الصف ويسخط الرب.
دعوة إلى الالتزام بالميثاق والعمل بمقتضاه وعدم التشغيب عليه بهمز أو لمز.
ان الاتفاق على الميثاق حدث تأريخي ضخم و شجى في حلوق أهل الجهل والشقاق والنفاق. فلننظر أين موضعنا منه.
(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا )
(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ).
شكر الله لمعالي وزير الشؤون الإسلامية صالح آل الشيخ
ولفضيلة الشيخ محمد الوشلي مسؤول تنسيقية العلماء
وللعلماء المشاركين والداعمين في سبيل جمع الكلمة.
والشكر والفضل لله أولا وأخيراً وهو ولي التوفيق و بجميل الشكر والثناء خليق حقيق جل جلاله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين .
عمار ناشر العريقي
ميثاق العمل الدعوي..فريضة شرعية وضرورة واقعية ومصلحة وطنية. 1116