كل دولة تدرك أنها تعيش في القرن الحادي والعشرين، وتعنى بالحفاظ على مصالحها الإستراتيجية وتحترم إرادة مواطنيها، وتنخرط في بناء مشروعها الوطني والهدف المرسوم للتغيير والتحول المنشود، لابد أن تستعيد روحها بأن يكون لها عقل مركزي مؤسسي يهيئ لها حضوراً في المشهد المحلي والدولي الذي لا مكان فيه لغير من يستحقونه.
لا بديل عن الصيغة المؤسسية للعقل المركزي للدولة، فهي الوحيدة من بين الصيغ التي تجعلها قادرة على استشراف المستقبل، والاستفادة من الدور الوقائي في الاستعداد للتحديات المحتملة واستخدام وسائل الوقاية منها، بدل انتظار وقوعها ومضاعفة كلفة النهوض بمعالجة آثارها. كما توفر لهذا العقل التمييز في مستوى الأداء، والاستفادة القصوى من تراكم التجربة، بما يعزز بناء تقاليد راسخة لدى الدولة، لتكن ضامنة للحريات والعدالة والمساواة، بمصدر مدخلات مراكز الدراسات والبحوث الإستراتيجية في المؤسسات العامة والخاصة وفي مقدمتها الجامعات، حتى نظم مخرجات مبنية على أسس صحيحة ومواكبة للمرحلة ومفيدة من الحكومة بصفتها رأس هرم السلطة التنفيذية، وتمثلها في المحافظات السلطة المحلية.
شعور طيب بأن عدن تستعيد كيان الدولة، كيانا تنفيذيا ممثلا بالسلطة المحلية ومؤسساتها العاملة لخدمة عدن بكل أطيافهم وتوجهاتهم السياسية، إن تعافي هذا الكيان من الأمراض الاجتماعية والسياسية تعافت الدولة وستتعافى عدن، تعافي هذا الكيان بأن يستقطب كوادره من التكنوقراط والكفاءات والمهارات والمؤهلات، وتجنب المناطقية والطائفية والحزبية، لضمان إرساء دولة النظام والقانون دولة المؤسسات.
بارتياح عظيم قابل المواطن في عدن إعلان السلطة المحلية عودة تفعيل القضاء والنيابة والرقابة والمحاسبة، مطالب بحت أصواتنا ونحن نطالب بها، اليوم نستطيع القول إن الدولة تستقيم وتعود، بقرارات المحافظ بازالة البناء العشوائي، واستعادة الأراضي المنهوبة، ومؤسسات الدولة المصادرة، وهدم أي بناء استحدث داخل هذه المؤسسات لإفراد، قرارات هامة تصب في عودة الدولة لتفرض النظام والقانون، تعاقب المخلين والخارجين عن الحق والقوانين، الناهبين للأرض والمباني العامة والخاصة، وعودة المتنفسات كالحدائق والتشجير لتتنفس عدن، قرارات تستدعي تكاثف جماهيري في صف السلطة المحلية ودعمها لإرساء الأمن والسلم الاجتماعي ولتعود لعدن رونقها وجمالها الأخاذ.
عانينا كثيرا من الانفلات، من الهوشلية، من البلطجة، من النهب والاستيلاء على الأراضي والمؤسسات والمتنفسات، منها مؤسسات سيادية وإرث تاريخ عظيم كاتحاد نقابات عدن والمسرح النقابي والمدرسة النقابية ومطبعة صوت العمال، تاريخ الحركة الوطنية والعمالية في عدن يطمس وتنهب مؤسساته، وهكذا المباني التاريخية القديمة والسياحية كالمجلس التشريعي والمعبد الهندوسي ومعبد الفرس مواقع تاريخية تحكي تاريخ وارث عدن على مدى قرون، والمتنفسات كالحدائق والجزر المزروعة بين الطرقات والأرصفة العامة،لتتنفس عدن وتشذب مما علق بها من آثار الحرب، والطامعون في تشويهها والبناء عليها لهدف طمس هذا التاريخ وتشويه عدن.
واجب على كل وطني وغيور، أن يقف موقف الرجال والأحرار مع السلطة المحلية لترسي سلطة الدولة وعقلها وتعيد روحها لتفرض النظام والقانون على الكل دون تمايز وتفرقة، ليطال كل طامع مستهتر ناهب جشع عبث ويعبث بحياتنا وتاريخنا في عدن الحبيبة والله معكم ولكم التوفيق في مهامكم ونحن معكم لما يخدم الصالح العام.
أحمد ناصر حميدان
عقل الدولة وتعافي عدن 1425