هل الميل للاستبداد جين وراثي.. أم سمة مكتسبة؟
الميل لظلم اﻵخر اﻷضعف؛ هل هو وسيلة للتنفيس عن قهر مكبوت أم هو طبع توسم به نفوس بعينها؟..
جارنا المتحوث ولد في تعز.. كبر وترعرع على أرضها.. تحت سمائها.. وتنسم منذ اللحظة اﻷولى لوجوده عبير هواها.. لم تكن لديه أية استعدادات أيدلوجية تهيئه ليصبح متحوثاً.. كان يمقت الحوثة عند بدء الحرب؛ لكنه غدا بعد تمكنهم في تعز متحوثاً!!
جارنا المتحوث زوجته ولدت أيضاً في تعز.. هي تعشق تراب تعز.. هي كذلك غدت كزوجها متحوثة.. هو لم يؤثر عليها ﻷن لديها شخصية أقوى من شخصيته؛ بل ربما أنها هي من جعلته يغدو متحوثاً!!
باﻷمس جمع جارنا المتحوث متاعه ورحل مع زوجته وبنيه من تعز إلى مكان لا نعلمه!
كنت أقول لها:
لماذا ناصرتم الحوثة.. لماذا وقفتم ضد مدينتكم.. لماذا تبدون وكأنكم على استعداد حتى لتغيير مذهبكم؟؟!
قالت لي ذات مرة:
أهل تعز غير مأمونين.. نحن نثق بأهل شمال الشمال أكثر..وقالت لي مرة أخرى: وماذا إن جاءت إيران.. ماذا إن صرنا تابعين لها؛ مادامت ستنهض ببلادنا وتصيرها دولة قوية؟!!
الحرب جعلتني اكتشفت بأن من لديهم ميول استبدادية ينجذبون للمستبد ويخضعون له؛ حتى وإن داس على كرامتهم..!
المتحوثون من أهل تعز لم يتحوثوا ﻷنهم مرتزقة.. أو خوفاً من الحوثة. أو طمعاً... أو حتى اقتناعاً بمشروع الحوثة.. لقد تحوثوا ﻷنهم يستمتعون بكونهم جزءاً من الاستبداد.. ﻷن ما يفعله الحوثة يشفي بعضاً من شغفهم لممارسة الاستبداد!
المفجع حقاً هو أنهم كثر..
كيف يحدث هذا.. كيف تصاغ الشخصية الحاملة لسمة حب الاستبداد.. كيف نعالجهم.. كيف نضمن ألا يورثوا هذه السمة لأبنائهم؟؟!
القادم لن يكون جميلاً إلا أن وجدنا إجابات لكل هذه الأسئلة..
