نفتقد للتخطيط والسير وفق الأولويات في استراتيجياتنا وسياساتنا العامة، حتى في ترتيب المهام، نسير خبط عشواء، كترقيع للثقوب ثوب رث، دون تركيز للوصول للهدف المراد، حلول أنانية لفترات وجيزة لتبقى القضية قائمة بل تحجمها وتركم المعانات، لا حلول جذرية لإنهاء الأزمات وتجاوز المحن، كل له هدف ويبقى الهدف الاستراتيجي معاقاً .
لا حلول سليمة وجذرية دون تأسيس لأركان دولة، الكل منتظر ليرى بوادر الطموح والأمل تتشكل، في الأعلام نجد خطاب يدغدغ مشاعر البسطاء ويقدم وعوداً وآمال ويتحدث عن الدولة الاتحادية بجزئيتها الأقاليم، والناس تنتظر، تسمع جعجعة ولا ترى طحيناً .
حربهم ضد الأقلمة لأنها تبدد أحلامهم الاستبدادية والتسلطية والحكم المقدس للطائفة، الأقلمة تحرر من مركزية السلطة المستبدة وهيمنة فئة على فئات، الأقلمة هي صيغة أفضل للحفاظ على وحدة الوطن أرضا وإنسان، صيغة تحفظ حقوق الجميع وتصون كرامتهم وإنسانيتهم، تحد من المركزية والاستبداد والاستغلال والهيمنة والفساد،صيغة تصون الثروة والسلطة من عبث العابثين والمستهترين، هي وسيلة للتنافس الشريف في التنمية الاقتصادية والسياسية والثقافية ليقدم كلا نفسه مثلا طيبا للآخرين، الأقلمة تحد من شماعة الأخطاء والإخفاقات، هي صيغة ارتضاها الجميع كان لابد منها للحفاظ على وحدتنا الوطنية المهددة بالموت،خاصة وأن هناك طرفاً فرضها بالقوة وشوهها وجعلها مطيته في الفساد والإفساد والانتهاك والظلم والهيمنة والتسلط على رقاب الآخرين، فتمركزت السلطة والثروة بيد فئة على حساب فئات، أنتج ظلم وجور وصراع وثورة، توصلت لتسوية فرضت حوار وطني أنتج مخرجاته كانت الأقلمة جوهرها، هو ذلك الكيان العصي على التغيير الانقلابي ومشعل الحرب .
لماذا أذا نتوه بعيدا عن إرساء مقاومات الدولة، وكل منطقة محررة تشكل إقليم من الأقاليم المحددة سلفا، يؤسس فيها مؤسسات هذا الإقليم، يبدأ العمل كإقليم مستقل اقتصاديا وسياسيا مع ارتباطه بالمركز بالسيادة والدعم .
عدن كإقليم اقتصادي هام ومركز تجاري حيوي، يفتقد لهذه الصفات اليوم، مصدر الدخل القومي لهذا الإقليم منهار وهابط لمستوى اقل بكثير من أقاليم تحت رزح الانقلاب كالحديدة وأب، لا توجد دراسات تقدم لنا مقارنة في الدخل اليومي والشهري والسنوي، وما هي الأسباب والمعوقات؟
الميناء معاق وطارد للتجار والمستثمرين، يدار من قبل جماعات غير مؤهلة عشوائيات العمل جعلته في فوضى عارمة وفساد مستشري، البعض يفضل إفراغ بضائعه في موانئ أخرى بعيدة بسبب الابتزاز والعنصرية القاتلة للاقتصاد، التاجر عابر للحدود وجبان، ويبحث عن التسهيلات والخدمات الراقية والأمن والأمان .
المصافي مشكلة عدن المستعصية، مؤسسة إيراديه، معاقة ومصروفاتها الشهرية من رواتب العمال مكلفة وثقيلة لا تستطيع الدولة بالإيفاء بها، لا حل غير دعم تشغيل وادر حركة المصفاة، الكم الهائل من الكادر والخبرات الفائقة قادرة على رسم إستراتيجية تشغيلية بدعم حكومي وإقليمي، لننهي أزمتنا معهم، والإضراب المستمر الذي يعكر صفو الحياة وتطبيع عدن، غير ذلك حلول تراكم المشكلة وتحجم المعانات .
وهكذا بالنسبة لكثير من المرافق كالكهرباء والمياه، عدم تسديد المواطن لفواتيرها، البعض منتظر الإعفاء الموعود لسنة الحرب لتخفيف من فواتيره وتقسيط ما تبقى بأقساط معقولة ومقبولة، الحكومة تصدر قرارات والمؤسسات لا تنفذها بل لا تعترف بها والموطن بينهما حائر، وكل شهر يمر تزداد الفواتير ثقل ويصعب على المواطن تسديدها ما لم تكن هناك حلول ملزمة للجميع .
ومشكلة المشاكل الراتب والبريد والبنوك والسيولة، ولازلنا من حين لآخر نعاني، لا حلول جذرية لقضايانا، بل أزماتنا تتراكم ومعاناتنا تزداد، ولازال القائمون يرقعون الثوب الرث كلما مر عليه الزمن يتمزق ولن يستر عورة ولا يحمي جسما ضعيفا وهزيلا ما لم تكن هناك خطط مرسومة لإعادة بناء دولة اتحادية ضامنة للحريات والمواطنة تحمي الجميع والوطن من الانهيار، تبدأ من الأقاليم المحررة، وهناك إقليم حالها أفضل ووضعها مستقر كحضرموت وسبأ .
محاربة الفساد والجريمة والإرهاب يحتاج لتفعيل النيابة والقضاء ومؤسسات الرقابة والمحاسبة والعقاب، دون هرج ومرج يركم ويرسخ هذه الأمراض .