الثقة معدن أساسي وجوهري في صياغة الحياة، وهو مركب هام في معادلة العلاقات الإنسانية..!
قلة من الناس من يجعلك تشعر تجاهه بالثقة من الوهلة اﻷولى..!
أعتقد بأن البشرية كلما تقادم عهدها على هذه اﻷرض.وكلما أضحت وسائل وأساليب عيشها أكثر عصرية..وأشد التصاقا بالجمادات كلما تقلصت وانكمشت قدرتها على منح وتلقي الثقة فيما بينها!
لعل الوجوه في الزمن القديم كانت متطابقة مع المحتوى العميق لنفس الإنسان..
منذ متى يا ترى احتاج البشر لتأسيس علم خاص بالفراسة وقراءة الوجوه؟!
ربما من ذلك التاريخ الذي بدأ الزيف فيه يسم بني البشر.. بدأ الإنسان يتقن المراوغة.. يتفنن في الكذب والظهور بعكس ما هو عليه.. وظهر نمط التمثيل في سلوك الناس.. وهكذا بنيت المسارح... وهتف الجميع بأن هذه ثورة حضارية..!
ومشت الإنسانية في طريق التيه عن الفطرة السليمة.. وتعلمت كيف تعيش بوجوه وسيما مخادعة.. وظهر أخيرا النموذج اﻷكثر تطورا في تغريبة الزيف البشري (نموذج السيكوباثي)!
إنه النموذج اﻷشد سوءا؛ لأنه كما يصفه صاحب كتاب (المزعجون من الناس) يبدو قمة في اﻷناقة والتهذيب.. غاية في الإمتاع.. هو اﻷكثر قدرة على سلب لب جلسائه بتنوع معلوماته..لا يمكنك إلا أن تقول عنه:
ما الطفة.. ما أكيسه..!!
وفي لحظة غياب منك وعلى حين غرة تفاجأ بأنه قد غرز نابا ساما في خاصرتك.. أحياناً يفعل ﻷجل أمر تافه.. أو ﻷجل لا شيء..!!
ألا ترون معي كم تعددت نظريات تحليل الشخصيات.. ألا تلاحظون مدى إقبال الناس على اقتنائها..؟؟
لقد غدت من أكثر الكتب مبيعاً في العالم..!
لماذا يا ترى؟!
ﻷنها ببساطة قد تمكننا من القدرة على منح من يستحق جوهر العلاقات..(الثقة)..!
ﻷن الكثيرين أصبحوا لا يخلعون أقنعة الزيف حتى في خلواتهم؛ ﻷنهم يخافون لدرجة الهلع من رؤية حقيقتهم في المرآة..!!
العيش بين أناس تثق بهم ولا تتوجس منهم خيفة، لا تتوقع أن يلدوغك على حين غرة هو عيش سعيد.. حياة جميلة.. بيئة منتجة.. مجتمع إيجابي..!!
أخيراً:
كل نظريات ودورات تعلم قراءة الوجوه تغدوا غير ذات جدوى مع بعض الوجوه.. لابد من التجربة لتكتشف الحقيقة.. وقد يكون ثمن الدرس باهظاً..!