;
محمد علي محسن
محمد علي محسن

لنتعلم كيف نتعايش بسلام؟ 1119

2017-01-14 02:41:13

التسامح قيمة إنسانية أصيلة، فما من مجتمع مستقر ومزدهر على وجه البسيطة إلا وكانت نهضته وقوته كامنتين بتماسكه المجتمعي، وهذا التماسك لا يأتي بالعافية والشعارات الطنانة، وإنما بالعمل الدءوب وعلى كل المستويات الحياتية الثقافية والتعليمية والفكرية والسياسية والوعظية.
نعم.. ما من مجتمع موحد وقوي في الزمن الحاضر إلا وكانت له قصص مأساوية مريرة خلقت منه مجتمعاً متماسكاً متعايشاً متجانساً.
وإذا ما نظرنا ل 13 يناير 86م فإنها كارثة ولعنة يجب أن تستمد منها أجيال الحاضر العبرة والعظة، إذا ما أرادت العبور إلى المستقبل المشرق.
والحال لا يقتصر فقط على مأساة يناير والاحتفاء به كذكرى للتصالح والتسامح وإنما المسألة يجب أن تأصل على كل فعل يؤدي إلى تمزيق النسيج المجتمعي وضرب العلاقات الإنسانية والعبث بمنظومة كاملة من القيم والنظم والقوانين الضابطة للحياة البشرية.
بلدان ظلت قروناً وعقوداً أسيرة التناحر الداخلي، منها ما أخذ منحى عرقياً وطائفياً ودينياً وجهوياً ومنها ما كان بسبب التطرف السياسي والفكري والأيدلوجي، لكنها وفي نهاية المطاف استفاقت من غيها الطويل، بعيد إدراكها باستحالة أن تكون أمة قوية وناهضة، فيما هي رهينة لتلك الأغلال المقيدة لحركة تطورها ونهضتها.
الولايات المتحدة-والى حقبة الستينات والسبعينات من القرن الفائت وقضية التمييز العنصري بحق ذوي الأصول الأفريقية تتصدر المشهد العالمي، قتل ملهم ثورة العبيد المحامي مارتن لوثر كنج برصاصة متطرف متعصب لعرقه الذي ظنه أرفع وأسمى من بقية الأعراق الأخرى، كما وقتل متعصب هندوسي المهاتما غاندي برصاصة غادرة أودت بجسده النحيل.
إنها ذات الأفكار الشوفينية الفاشية النازية التي حملها أدولف هتلر ورفيقه موسوليني في ايطاليا، وبرغم هول الاضطهاد الذي تعرض له السود في أمريكا.
انتصرت فكرة التعايش التي حملها الراحل لوثر كنج ورفاقه الذين هلكوا في مضمار نضالي لتحقيق العدالة الإنسانية.. كما وانتصرت فكرة أميركا الأمة الواحدة التي نشدها لوثر زمناً بقوله "علينا أن نتعلم العيش معاً كإخوة، أو الفناء كأغبياء".
وكذلك فعلت جنوب إفريقيا التي ظلت لأكثر من قرن رهينة الاستعباد ومن قبل اقليه أوربية استعمرت البلاد وأحالته إلى كانتونات بشرية مضطهدة للآدمية إلى أن جاءت اللحظة التاريخية مطلع التسعينات وعقب خروج زعيم الأغلبية الأفريقية نيلسون مانديلا من سجنه الذي قضى فيه 27 عاما من عمره.
وكذلك فعلت دولا أوربية وافريقية وأسيوية وأمريكية، فهناك اسبانيا والهند والمكسيك والأرجنتين والبرازيل والقائمة طويلة من الدول التي سلكت طريقا للمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، وها هي اليوم ماضية في مسيرة الدولة الديمقراطية المستقرة سياسيا واقتصاديا ومجتمعيا.
نعم، لنتعلم كيف نتعايش معاً وإلا فمصيرنا الهلاك والتناحر والاقتتال، وعندما أدعو للتعايش فإنني لا أقصد فقط الجنوبيين وإنما يمتد ذلك إلى كل اليمنيين الذين يخوضون حربا مدمرة بسبب ممانعة قلة من البشر ممن لا تؤمن بقيم التسامح والعدالة والمساواة.
الذين يقولون لكم بإمكانية التسامح هنا ورفضه هناك، هؤلاء لا يؤسسون لمجتمع متعايش متجانس بقدر ما فعلهم لمصلحة طارئة أو قولوا للمزايدة والمكايدة السياسية، فقيمة التسامح يجب أن تتجسد كسلوك وثقافة مجتمعية جمعية لا تعرف الاستثناءات؛ لأن الاستثناء هنا لا يستقيم مطلقا مع معنى ودلالة المفاهيم الحضارية الإنسانية التي ينبغي أن تسود وتشرق في كل نفس وذهن وفكر وسلوك الكيانات القوية المحصنة من الاختراق.
فمصيبة مجتمعنا أزلية وليست نابعة من فروقات قاصمة لصميم مكوناته مثلما يتفلسف البعض، بقدر ما هي في نخبه وحكامه الذين لا يستطيعون إدارة خلافاتهم السياسية في السلطة، فيكون هنا استدعاء القبيلة أو المنطقة أو الطائفة طريقة مثلى للحكام وللنخب السياسية لحشر القوم في أتون صراع دموي لا ناقة لعامة الناس أو جمل، فحكامنا أتقنوا اللعب بعواطف وعقول الناس البسطاء وتوظيفها في الماسي والويلات بدلا من استنفارها في صالحهم ولحياتهم.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد