انتقلت السلطة في الولايات المتحدة الأميركية من أوباما وإدارته إلى ترمب وإدارته.. كان منظر أوباما وهو يغادر البيت الأبيض هو وعائلته، رسالة سياسية وأخلاقية لأولئك الذين يدمرون بلدانهم تمسكاً بكرسي السلطة.
قبل ثماني سنوات كان من غير الممكن التفكير بواقعية أن يأتي إلى البيض رئيس أسود ليحكم أميركا من داخل هذا البيت الذي بناه أجداده (العبيد) كما عبّرت عن ذلك زوجة اوباما حينما قالت كيف أنها كانت تنظر إلى بناتها وهن يسرحن ويمرحن في هذا البيت الذي بناه أسلافهم العبيد وكأنهم يهيئونه لهذا اليوم الذي سيجلس فيه أحد أحفادهم رئيساً لهذا البلد الذي ترك هذا الماضي وراءه إلى الأبد.
قفز الأميركيون فوق الحقائق التاريخية التي كانوا فيها سادة وعبيداً، وصنعوا حقيقة تاريخية جديدة وهي أنهم صاروا شعباً واحداً يتمتع الجميع فيه بالحقوق المتساوية.. وبسببها أصبح أوباما رئيساً.
بالأمس غادر أوباما البيت الأبيض رمز السلطة والحكم.. أما ميراثه السياسي فقد أصبح في ذمة التاريخ.
وقبل سنة فقط ومع أول صرخة لترمب في سياق ترشيح نفسه للرئاسة بدا من المستحيل أن يصبح هذا الملياردير رئيساً لأنه- في نظر الكثيرين- لم يكن يملك من مقومات الرئاسة لهذا البلد الذي شهد جورج واشنطن وإبراهام لنكولن وروزفلت وكيندي ووووو.. غير أن الشعب الأميركي كان يستمع إلى خطابات ترمب ويفهمها على غير ما كانت النخب تفهمها أو تنقلها للناس.. صار رئيساً ودخل البيت الأبيض..
الرئيس الأميركي لا يعني الأميركيين وحدهم.. صحيح أن الأميركان هم الذي ينتخبونه لكن العالم كله يتأثر بهذا القرار.. لا غرابة بعد ذلك أن يصبح انتخاب الرئيس الأميركي شأناً عالمياً.
غير أنه لو لم يبق أمام العالم من شأن أمام هذا الزخم الذي يصاحب الانتخابات وانتقال السلطة في أميركا وغيرها من الديمقراطيات سوى هذا التقليد الذي يكرّس سلطة الشعب لكفاه أن يستلم هذه الرسالة كعنوان لنضال طويل خلص إلى نهايات تحقق معها الحلم في أن تصبح السلطة ملك للشعب وليس لغيره.