إذا ما كان هناك من حسنات للحرب في اليمن، فهي أنها كشفت حقيقة الوهم الذي عاشه المواطن اليمني، فعلى الأقل الحرب أزالت غشاوة مزمنة اسمها الجيش والأمن، فالقوتان العسكريتان أعدهما أكبر لعنة على المواطن اليمني البسيط الذي ظل عقودا يدفع من لقمته ودوائه وتعليمه وتنميته ظناً منه أن لديه جيشاً وأمناً يحفظان سيادته وحياته.
الواقع أننا جميعاً عشنا وهماً اسمه "حماة الوطن" و "الأمن في خدمة المواطن". الآن فقط نستيقظ على هول المأساة والكارثة، فالجيش- الذي التهم ثلثي موازنة الدولة خلال حكم صالح ولأجل تجهيزه بترسانة حربية ضخمة- أثبتت الأزمة والحرب أنه لا يمتلك أي عقيدة عسكرية وطنية وأنه عبارة عن قادة فاسدين موالين لولي نعمتهم "المخلوع" ومجرد قوة غير قادرة على الصمود ولو لساعات أمام طيران التحالف.
المزايدون.. الرافضون لعاصفة الحزم.. الصارخون الآن..المتباكون كذباً ولؤماً وزيفاً على السيادة الوطنية.. على انتهاكات القوى الرجعية والامبريالية. أسأل هؤلاء جميعاً: لماذا يخرج الأطفال فرحا بغارة معادية؟ لماذا يهلل الرجال وتزغرد النساء لضرب تلك القوات الموالية للمليشيات الانقلابية؟
وإذا ما كان حقاً جيشاً وطنياً؛ فلماذا يقتلنا هذا الجيش؟ ولماذا ترسانته تزهقنا وترعب أطفالنا ونساءنا وتدك منازلنا؟.
ولماذا برأيكم طائرة القوى المعادية - من وجهة نظر هؤلاء - باتت رحمة منقذة لنا؟ ولماذا الجيش الذي يعدونه يمنياً ووطنياً هو في الواقع ليس إلا جيشاً طائفياً قبلياً عدوانياً قاتلاً لرجالنا وأطفالنا ونسائنا وآمالنا وأحلامنا؟؟.
البعض للأسف تجده مدافعاً عن المخلوع وقائلاً: ولكن الحرب ليست مقتصرة على جماعة الحوثية كي يتم اختزالها بطائفة بعينها، مستدلين بمشاركة المؤتمر وحلفائه وكذا ألوية الحرس الجمهوري المنحل وقوات مكافحة الإرهاب وسواها من التشكيلات العسكرية والأمنية الموالية للرئيس المخلوع !.
لهؤلاء أقول: علي عبد الله صالح لم ولن يحمل أي مشروع وطني، فسواء قبل وحدة البلاد أو بعدها، فجل همه وتفكيره منصبا بكيفية حفظ سلطانه وزيادة ثروته ونفوذه وتمكين أقاربه وأتباعه من مفاصل الدولة الحساسة والمهمة.
وتحالفه اليوم مع الجماعة الحوثية التي حاربها خلال ستة أعوام لا يمكن وصفه بغير انحياز المخلوع للمشروع العائلي الطائفي، وعلى حساب حاضر ومستقبل البلاد، التي لم يحسب لها أصلاً طوال مسيرته العبثية المهدرة لكثير من الفرص والإمكانيات والموارد والدعم وحتى المساعدات والهبات والمنح الدولية التي لم تسلم هي الأخرى من العبث الممارس بصفاقة ووقاحة من أعلى هرم في السلطة.
سيقول البعض أين الموالين لصالح وأين المؤتمر وحلفاؤه؟ الإجابة : في جيب الملياردير الفاسد، فرجاء لا تشغلون أنفسكم في الحديث عن طابور طويل من الانتهازيين والفاسدين الذين لا قيمة لهم أو وزن من دون أوراق البنك المركزي ومن دون دعم ومساعدة الشيطان الأكبر الذي بفضله احترفوا الفساد وجعلوا منه سلما ارتقى بهم من حضيض النكرة والهامش إلى مكانة لم تراودهم ولو في أحلامهم.