نعيش اليوم الذكرى السادسة لثورة فبراير العظيمة..
هذه الثورة التي كانت حتمية، وضرورة وطنية، لأن الوطن قبلها أصبح شخصاً فإذا ذكر اسم الوطن قصد به ذلك الشخص الذي تحكم بكل شيء في الوطن وأصبح هو الدستور وهو القانون، من رضي عنه أفلح ومن سخط عنه خاب وخسر، وجرد من كل شيء حتى من الوطنية.
قامت ثورة 11 فبراير والاحتقان في الوطن في أوجه، أوصل الشعب إلى يأس من أي مستقبل مشرق، وخاصة الشباب، فكانت الثورة ضرورة وليست ترفاً، قام بها الشباب من مختلف الأطياف والأحزاب وعمودهم الشباب المستقلين، ثم لحقهم كافة الأعمار والأطياف.
فالقائد الحاكم كان يريد الخلود في الحكم وبعد عمر طويل يورثه لابنه، وأصبحت الأسرة والحاشية والأصهار متحكمين بمصائر الناس وأقواتهم.
البعض يحمل الثورة كل السلبيات التي حدثت والجرائم الجديدة التي ارتكبها النظام السابق بالتحالف مع السلالة الحوثية، وهذا حكم ظالم ونظرات قاصرة وتجن على أصدق ثورة تعبر عن إرادة شعب كامل.
ولو لم تكن ثورة 11 فبراير لكان المستقبل سيكون أكبر قتامة وسنصل إلى مرحلة نساق بها كالقطيع من قبل دكتاورية العصر في الوطن.
لمَ التعثر وتأخر النصر للثورة؟
هذا سؤال مشروع، يطرحه الكثير وخاصة المحبين للثورة، ولا شك أن لهذا التعثر أسباب منها داخلية ومنها خارجية، والداخلية منها ما كان سبب بعض أنصار الثورة وأركانها ومنها ما هو بسبب أعدائها في الداخل المتربصين بها أو الخائفين منها.
فالأسباب الخارجية لا أحد ينكرها والتي تكالبت على الثورة وحولتها إلى أزمة ظناً منها أن نجاحها خطر عليها وبذلت في سبيل ذلك كل الإمكانات المادية والمواقف السياسية،
وأما الأسباب الداخلية فأولها بقاء من قامت الثورة ضدهم محتفظين بكامل إمكاناتهم وقواهم وولاءاتهم وعزز ذلك منحهم الحصانة على كل ما اقترفوه من جرائم وما نهبوه من أموال بالإضافة لضعف القيادات البديلة التي حلت خلفا لهذه القيادة وعدم مواكبتهم لطموح الشباب.
وإذا عدنا إلى الأسباب التي من داخل الثورة نفسها فالقيادات التي نصبت نفسها قائدة للثورة لم تكن بمستوى شباب هذه الثورة وطموحاتهم، وبقت أسيرة ثقافة الماضي في المحاصصة والصراع فيما بينها ولم تغادر ثقافة المكايدات والشكوك فيما بينها متجاهلة أن الخصم لازال في الساحة في كامل قواه، ولم تستطع الحفاظ على الزخم الجماهيري الذي أيدها في بدايات الثورة وأثنائها وسلم لها القيادة دون منازع، بل علمت على التمايز بسبب الانتماءات الحزبية وتركوا السواد الأعظم من أبناء الشعب يعيش في فراغ ويعبث النظام السابق في أفكار البعض منهم ويشككهم بنوايا هذه الأحزاب التي عجزت عن استيعابهم وأطلقت الاتهامات والشكوك وتوزع صكوك الوطنية بين مختلف المكونات دون استثناء لأحد، هذا الجو سهل للحوثي الذي ظهر في البداية كأحد مكونات الثورة وبدأ يستغل كل السلبيات رغم أن أهدافه واضحة للمتتبع البسيط ولكنه دلس على العامة، ساعده سلوكيات النخب المؤيدة للثورة التي لم نكن بمستوى الحدث، وتوج ذلك بالتحالف الحوثي العفاشي ليس ضد الثورة فقط، لكنه تحالف ضد الوطن وضد كل ما هو جميل فيه، وانتقاماً من الشعب الذي لفظهم سواء في 11 فبراير 2011 بالنسبة للرئيس السابق أو في 26 سبتمبر 1962م بالنسبة للسلالية الإمامية فكشروا عن أنيابهم واستباحوا إمكانات الجيش الذي لم يرب على العقيدة الوطنية كما استباحوا مقدرات الدولة بما فيها البنك المركزي ومليارات الدولارات التي كانت فيه، ولم تكن حركتهم انقلابية فحسب ولكنها كانت حركة تدمير اجتاحت الوطن كلة ودمرت المدن وطاردت الأحرار وقتلت منهم الكثير، فاستفاق الشعب على عدو ليس له في التاريخ مثيل، وبدأت المواجهات له في تعز وفي المحافظات الجنوبية وفي مأرب والبيضاء، بينما محافظات أخرى سلمت للأمر الواقع لأسباب وعوامل كثيرة منها ما هو بيئي ومنها أسباب أخرى ليس المجال هنا لذكرها.
ثم جاءت عاصفة الحزم في لحظة يأس وإحباط من قبل الكثير أعادت كثير من الأمل والتوازن وشلت حركة الطيران التي كان يتحكم بها الانقلابيون ولولا ذلك لكانوا أحرقوا المدن بالبراميل الحارقة، وهذا موقف يحسب للأشقاء، وهناك سلبيات وتغيرات للتحالف وقيادات المقاومة، ولكنها في المحصلة قدمت تضحيات جسام وأصبح واقع الحال باليمن اليوم أفضل منه بالأمس مع هشاشة في التركيب وعدم التنسيق التام بين الجبهات على مستوى المحافظات لتصبح جبهة واحدة ضد الانقلابيين، وبدأ ذلك يتحسن حتى دشن أخيرا الرمح الذهبي لتحرير ما تبقى من السواحل اليمنية وبدأ بتحرير باب المندب وذوباب والمخا ومازال بمضي بخطى ثابتة.
أعود فأقول: ثورة 11 فبراير إرادة شعب وثورة متجددة لن تتوقف أبداً لأن إرادة الشعوب من إرادة الله ومن يشكك بها إنما يشكك بشعب حر أبي، وبالتالي يشكك بالإرادة الربانية التي لا راد لها.
ثقوا أن ثورتنا ستنتصر وشعبنا سيخرج من المحنة التي أدخله بها الانقلابيون وكل المتربصين، لن نقبل بنصف ثورة ولا بنصف إرادة، وستقوم الدولة الاتحادية اليمنية بأقاليمها الستة ولو كره المبطلون.
الخلود والرحمة لشهدائنا الأبرار والشفاء العاجل للجرحى والنصر للثورة.
وكل عام وشعبنا اليمني الإبي في عزة ومنعه وإباء.
عضو مجلس النواب ـ رئيس تكتل نواب الشرعية البرلماني