منذ التدخل الأميركي في العراق في العام 2003 م وحتى الآن لم يبد المجتمع الدولي أي سياسة حازمة مع إيران فيما يتعلق بتدخلها السافر في شؤون الدول واختراق سيادتها بهدف تقويضها وهو عمل مخالف للقوانين والأعراف الدولية بل ترك لهذه الدولة الحبل على الغارب وتراخى فيما يتعلق بواجباته في حفظ الأمن والسلم الدوليين.
وقد نتج عن سياسة اللامبالاة تلك، الكثير من الصعوبات التي امتدت آثارها ومضاعفتها لتشمل معظم دول العالم مثل حركة النزوح الغير مسبوقة من سوريا والعراق واليمن ففي اليمن وحدها خلفت الفوضى الإيرانية أكثر من مليوني يتيم وثلاثة ملايين نازح وبعثت الفوضى الإيرانية تنظيمات متطرفة مثل "داعش" وانتشار "الملشنة" مثل حزب الله لبنان و"أنصار الله" في اليمن وغيرها من التنظيمات العسكرية السرية تحت الأرض وتنظيمات سياسية منشقة عن الإجماع الوطني..
في تاريخ العلاقات الدولية تعتبر الظاهرة الإيرانية حالة فريدة مما يطرح السؤال لماذا؟ وهذا يكشف وبوضوح الدور الوظيفي لإيران الثورية.
لقد كانت إيران الشاه تمثل عامل استقرار في ظل توازنات الحرب الباردة، لكن هذا الدور أصبح زائداً عن الحاجة بالنسبة للغرب عندما أصبح من الواضح أن القوة الرئيسية للشيوعية الاتحاد السوفيتي في طريقها إلى الزوال.
وعندما بدأت الاحتجاجات الجماهيرية الواسعة تنادي برحيل الشاه في العام 1979م كان على الغرب أن يختار بين السيئ والأسوأ بين أن تكون الثورة يسارية أو طائفية دينية، لقد اختار الغرب (الملالي) وأرسل الخميني من منفاه في ضواحي باريس وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتم دون وجود رؤية غربية مشتركه على ضفتي الأطلسي.
ومن وجهة نظر الغرب فإن فوز اليسار بالثورة وحكم إيران كان سيزيد الصعوبات بالمنطقة في دول حليفة مثل باكستان وتركيا، إضافة إلى ذلك أنه من الصعب ترويض اليسار بنفس الطريقة التي يتم بها ترويض إيران بقيادة الملالي الثورية.
في أوائل الثمانينات كانت بيروت أو أجزاء منها قد سقطت تحت جنازير دبابات الصهاينة، في هذه المرحلة الصعبة في العالمين العربي والإسلامي.
قرر نظام الملالي مواصلة الحرب والعدوان على العراق وعدم انصياعه لقرار مجلس الأمن الذي يقضي بوقف الحرب فيما استجاب الجانب العراقي حينها.. ومن هنا يتضح الدور المناط بالثورة الإيرانية.
يتطور دور ملالي الثورة في طهران حسب الظروف المختلفة التي تمر بها المنطقة. في العقد الأول ومنتصف العقد الثاني من القرن الحالي أصبحت إيران تمثل "رافعة الفوضى في المنطقة" لقد استطاعت إيران عبر دورها المشبوه تقويض سيادة الدولة الوطنية في بعض دول المنطقة ونجحت في هدم النسيج الاجتماعي وخلقت مناخات الاقتتال الداخلي في ظل صمت مريب للمجتمع الدولي ممثل بهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وفي ظل ارتباك عربي مع وضوح سيناريوهات الفوضى الإيرانية وعدوانيتها وما نتج عنها من مآسي وكوارث.
إيران يجب أن تعامل بحزم إما إذا استمرت سياسة ترك الحبل على الغارب، فسوف تتضاعف معاناة شعوب المنطقة.. لازال بعض المثقفين والسياسيين يناور مع وضوح الهمجية الإيرانية وعدوانيتها ضد الشعوب العربية ويتجاهل ما فعلته إيران بشعوبنا.