حسن العمري كان قائد الجيش في اليمن ورئيس الوزراء وكان الرجل الأول في الوطن كله بالنفوذ بدون منازع، عندما قتل المصور الحرازي رغم أن الحرازي رجل من عامة الناس وليس لديه قبيلة أو ظهر أسري يأخذ بثأره، لم تغني قوة العمري عنه شيء وهو الرجل الأول في الوطن وغادر السلطة والوطن وبقي خارج اليمن حتى مات بسبب هذه الجريمة.
احمد عبدربه العواضي أحد أبطال الثورة وممن انهوا الحكم الأمامي والرجل الشجاع صاحب النفوذ القبلي وشيخ قبيلة ال عواض في البيضاء المعروفة بشجاعة أبنائها وشراستهم في القتال، والذي كان يهابه كل رجال الدولة من رئيس الجمهورية إلي أصغر مسئول، عندما قتل مرافقه مواطن عادي ظلما في طريق صنعاء تعز وكان حينها محافظا لمحافظة تعز، ضاقت عليه الدنيا بما رحبت وسلم نفسه للتوقيف في قصر السلاح، وعلى أثرها تم قتله في الحادثة المشهورة التي تعرفونها جميعا.
تدرون لماذا ارعب العمري القائد الأقوى والرئيس الفعلي حينها للوطن وكل القوات المسلحة كانت تحت قيادته ورهن أوامره، ولماذا أيضا استشعر العواضي حجم الجريمة وشعر بضيق الدنيا كلها عليه بعد القتل، رغم أن القاتل مرافقه وليس هو..
لسبب بسيط انه في تلك الفترة كان للنفس البشرية حرمتها وقداستها من قبل المجتمع كل المجتمع، وما كانت القبيلة تتمترس مع القاتل ولو كان شيخها ولا يستطيع استغلال المنصب للتحصن فيه حتى ولو كان القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولم تكن هناك أحزاب بالأصل حتى تتعصب للمنتمين لها حتى ولو كانوا مجرمين..
اليوم الجميع قبائل وأحزاب وجماعات ومسئولي دولة كل هؤلاء بدون استثناء ارخصوا قيمة النفس البشرية وأصبح الإنسان أرخص سلعة قيمته طلقة رصاص إذا لا يوجد لديه جماعة تدافع عنه ولا حزب يسنده ولا مسئول نافذ يحميه إذا قتل عبثا دون سبب حتى لو كان القاتل معروف لا أحد يسأل لماذا قتل ولا يقال القاتل الله المستعان الكلمة التي لا تكلف الإنسان شيء فضلا عن الدفاع عن المظلوم واستشعار المسئولية أمام الله وأمام الشعب عن دمه الذي سفك ظلما.
والمجتمع الذي كان أيام العمري والعواضي يشكل ردعا مجتمعنا يرعب كل من يرتكب جرما ويضع له المجرم مليون حساب، أصبح اليوم غير ذلك المجتمع وتآلف مع الجريمة وتصالح مع المجرمين واستسلم لسلوكياتهم الإجرامية فلم يعد ينكر الكريمة ولا يردع مرتكبيها، وهذا السلوك أصبحت ظاهرة في معظم مناطق الوطن، وأصبح سلوك معتاد في تعز خاصة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن المجرم أصبح يجد من يحميه ويدافع عنه دون خوف من الله أو خشية من المجتمع الذي فقد حاسة الردع المجتمعي لهذه الجرائم.
كثير من الأبرياء ذهبوا ظلما ولم يجدوا من يذكرهم أو حتى يترحم عليهم وآخرهم بائع الموز الذي قتل قبل أيام بشارع جمال في تعز دون أن يكون له أي ناقة أو جمل في الفوضى الحاصلة ولم نشاهد أي إدانة أو تصعيد وتبني لقضيته لا من قبل المجتمع ولا من جماعات ولا من أحزاب وكأن المقتول دجاجة أو أرخص منها.
لعنة دم بائع الموز ستلاحق الجميع وسيدفع الجميع ثمنها من دمائهم وأرواحهم أن لم تكن هذه القضية هي المنطلق لتصحية الضمائر وإنصاف أولياء الدم، والتحرك الجاد لإلقاء القبض على المجرمين وإقامة شرع الله عليهم ليكونوا عبرة لكل الناس، وردع كل من يعمل على زعزعة الأمن في المدينة ويبتز المواطنين ويتعسفهم إلى درجة نهب أثاث البيوت والمحلات في وضح النهار، ومن يقاوم قد يصل الحال معه إلى قتله، وللأسف المجرمين معروفين بالاسم وقد يصوروا من قبل البعض بأنهم أبطال..
أكرر اللعنة ستعم الجميع مالم نتدارك الأمر عاجلا اتقاء للعنة هذه الدماء البريئة والأرواح الذي ذهبت إلى ربها تشكوا ظلم الجميع لها..