إلى قرويي الفكر والسلوك، إلى مثقفي القبيلة والعشيرة، إلى رجال انحازوا للعنف ففقدوا مبادءهم وقيمهم الإنسانية، فاصطفوا لإرهاب الآخر، شامتين بشركائهم بالوطن، متوجسين من التنوع في الرؤى والفكر، لحشود نظرية المؤامرة، والواهمين أنهم الحق وغيرهم باطل، وأن الأرض أرضهم والقضية قضيتهم وحدهم، لعصبة المصائب ومشكلة المشاكل، لمن يصب الزيت على نار الفتن والصراع والحرب.
الأرض ليست أرضكم وحدكم، لا تنسوا أن لكم شركاء، لهم ما لكم ولكم ما لهم، يستحقون الحياة، هل تتركون لهم هامشاً ليعيشوا دون منغصات، لسان حالهم يقول، خذوا السلطة وخذوا الثروة وخذوا الجاه، لكن لا تضايقونني، واتركوا لي ما يسد رمق الحياة، خذوا السلاح لست بحاجته سلاحي العقل والفكر، استمتعوا بالقوة وأنا متمسك بقوة الله، لا تصنفوني شيعيا ولا سنيا فأنا مسلم أعبد الله وقبلتي هي قبلة المسلمين، أتركوا لي هامشاً من وطن أعيش بكرامة وعزة وإنسانية وخذوا كل شيء واتركوا لي حياة حرة كريمة.. اتركوا الحرب، أطلقوا الحرية، أريد مواطنة ودولة ونظاما وقانونا يحكم بيننا وينظم حياتنا وعلاقاتنا.
ابحثوا جيدا أين تكمن مشكلتكم، لن تكون في الشراكة ولا في التعايش ولا في قبول المختلف ولا في التنوع ولا فيمن يعارضكم في الرأي والمشروع وآليات حل القضية، ابحثوا فيكم عن ما تبقى من الإنسانية والضمير، أنعشوه ليقتل الوحش المتلبس روحكم، ليقتل فيكم الكره والحقد والضغائن، حينها ستدركون حجم المشكلة، حاولوا أن تكونوا متسامحين ومتجاوزين محن الماضي لتعيشوا الحاضر المنطلق للمستقبل، كونوا أدوات خير لا شر كونوا أخيارا ليحرج الأشرار، فالشر لا يولد غير مزيد من الحقد والكره ويغذي الصراع والحرب ويعيق طريق المستقبل الوضاء لوطن يستوعب الجميع.
لن يسمح شرفاء هذه الأرض أن تذهب دماء الشهداء وتضحيات الأبطال هدراً، للتحريض لقتال الأخوة ورفاق الدرب ومقاتلي الجبهة الواحدة، لن يسمح للمغرضين أن يجعلوا مدينتي عدن ساحة لتصفية أبناء الأرض الواحدة والهدف الواحد وتقويض دولة المواطنة الضامنة للحرية والعدالة.
كم ظلمنا و اُقصينا، حُرض ضدنا، وصنفنا بذرة خبيثة حشدوا لاستئصالها، استدعوا كل صراعات الزمن، سخروا الدين والسياسة لاتهامنا، بكل مساوئ واقعهم البائس، صدقهم الصديق والعدو، واصطف معهم الكثير، بشراء الذمم والمناصب والجاه حينها ففقدوا إرادتهم وطمسوا تاريخهم ومجدوا عدوهم، دراهم الدنيا أعمت بصيرتهم، ظروف صنعت منا أحرار الفطرة أصفياء الروح لا يعميها بريق الدنيا وزينتها ولا إشاعات مغرضة وحشد وتحريض دون دلائل وبراهين ونيابة وقضاء، ما لا نرضاه لأنفسنا لا نرضاه لغيرنا، كسبنا مناعة أن نكون أحراراً وندافع عن حرية الآخر، ولن نحيد قيد أنملة عن الهدف والمشروع دولة المواطنة الذي فيها القانون هو السلطان والنظام هو المنظم للحياة.
العالم اليوم في عصر النهضة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، صار قرية، ولازلتم تعيشون تلك القروية والأنانية التي تجاوزها العصر والنهضة، وناضل الشرفاء ليتجاوزوها وقدموا من أجل ذلك قوافل من الشهداء، الوطن اليوم لن يحكمه فكر ولا فرد ولا جماعة، الوطن يحتكم للشراكة والتوافق، لإرادة الجماهير بكل مشارقها الفكرية والسياسية والعقائدية، وطن يستوعب الجميع أبى من أبى وشاء من شاء، والله الموفق.