خرجت من صنعاء في 23 سبتمبر 2014، واتجهت صوب تعز العزيزة.. قدرت أن تعز ستكون المنطلق لتحرير صنعاء من الغزو المليشاوي الغاشم.. زارني أحد الأعزاء إلى الفندق وقال: أصحاب المؤتمر (استخدم لفظا كان متداولا في 2011) منتظرين على أحر من الجمر قدوم الحوثي إلى تعز..! أدركت حينها أن هناك من يرى أولوية للانتقام من ثورة 2011 بكل الوسائل والسبل بغض النظر عن التكاليف والنتائج ومصير الوطن وأهله..
قبل 2011 طالما تعامى المشترك عن خطر الحركة الحوثية وأحيانا برر لها في سبيل إنهاك صالح خاصة والمؤتمر إجمالاً.. أما بعد 2011 وخصوصا منذ حرب دماج فقد انقلبت الأمور، وأصبحت قيادة المؤتمر، وتحديدا صالح والمقربين منه، هي التي تستخدم الحوثي لتصفية الحسابات مع الخصوم، ابتداء ببيت الأحمر، مرورا بالإصلاح ومحسن وانتهاء بالرئيس هادي، والانقلاب عليه، وملاحقته إلى عدن، وحكاية تحديد المنفذ الوحيد لخروج الرئيس هادي لا تزال حاضرة في الذاكرة وتثير قدرا من السخرية..
على تفاوت بين أحزابه، أخطأ المشترك من قبل، عندما كان يغض الطرف عن خطر الحركة الحوثية نكاية بصالح والمؤتمر، لكن صالح ومجموعته في المؤتمر ذهبوا بعيدا وتمادوا في تحالفهم مع الحوثي إلى مستوى أدى إلى كل النتائج الكارثية والنكبة الوطنية التاريخية، التي لا سابق لها، وتعيشها اليمن الْيَوْمَ..
في جلسة لما تبقى من برلماننا تحت هيمنة الانقلاب، شاهدت عبد الرحمن الأكوع وهو يتحدث عن الفساد الذي قال إنه لم يسبق له مثيل، ويحيى الراعي وهو يحاول التعليق والاحتجاج على طريقة تعامل مسؤول حوثي في الضرائب مع توجيه لمن أسماه رئيس الوزراء، وبن حبتور الذي بدا بلا حول ولا قوة، فيما توجيهاته تُرمَى في وجه من أتى بها.. الذي أثار حنق يحيى الراعي أكثر، كما يبدو، أن الحوثي مشرف الضرائب، وصف توجيه بن حبتور بأنه من حق زمان الجاهلية..! لا تغضبوا يا إخواننا، فقد صرنا في حكم الحوثي، مناققين، وكفار وتكفيريين ودواعش.. بالنسبة لنا ليس في الأمر جديد، فقد اعتبر بعض أسلاف الحوثي القدامى، أجدادنا كفار تأويل تؤخذ منهم الجزية ..!
لم يعد أمام المؤتمر سوى دور الشريك المهضوم والشاكي المظلوم، ولكن على استحياء مخافة شماتة الخصوم وتحاشيا لاستفزاز الشريك البطاش المهيمن.. ولعل نهاية تحالف المؤتمر مع الحوثي ستكون من قبيل جزاء سنمار..