تصطدم جهود العودة إلى المسار السياسي بالتقديرات الخاطئة للانقلابيين عن أن تفاقم الوضع الإنساني الخطير الذي وصل إليه اليمن سيدفع المجتمع الدولي إلى فرض الحل الذي يعفيهم من سحب مليشياتهم وتسليم السلاح والقبول في نهاية المطاف بالوقائع التي أنتجها الانقلاب على الأرض.
لذلك فإن خيار استمرار الحرب بالنسبة لهم هو الخيار الأمثل لأنه يعظم المأساة والمعاناة اللتان تولدان مناخاً للتسوية تتناسب مع شروطهم كما يعتقدون.
ما يرفع من هاجس التسوية لدى الانقلابيين على هذا النحو هو أن كثيراً من المنظمات الإنسانية تركز على الجانب الإنساني في هذه العملية المعقدة ولا تهتم بأصل المشكلة التي أدت من ثم إلى الحرب والى هذه الكارثة.. فهي تتحرك في إطار النتائج لأن ما عدا ذلك لا يعنيها، فما يعنيها هو الجانب الإنساني، أما الدوائر السياسية التي يجب أن تتحرك لحل المشكلة منطلقة من جذر هذه المشكلة فهي تتعرض لضغوط مجتمعية هائلة بسبب التأثير الذي تمارسه المنظمات الإنسانية على وعي المجتمع الذي يتحول إلى ضغوط شعبية على هذه الدوائر.
يتحرك الانقلابيون اليوم على أكثر من صعيد، بغطاء مستعار من تجاويف تناولات خرقاء لصراعات تاريخية سبق أن حسمت أمرها في نطاقها الزماني والمكاني، لتوظيف الكارثة التي أنتجوها بانقلابهم الدموي على الشرعية الدستورية وعلى العملية السياسية التاريخية التي رسمت خارطة الانتقال الى الدولة المدنية وذلك لتسويق مشروعهم الانقسامي البديل لدولة المواطنة.
رهان خاسر يكشف عن ساق هش وتفكير مغلق على مشروع غرائبي يستلهم رداءة القوة المتعالية على إرادة الناس وعلى تطلعهم إلى سلام دائم ومستقر، والمستهترة بمعاناتهم.