الثورة المضادة، هي عبارة عن رد فعل للاستبداد وقوى الفساد في الوطن لتتصدى لثوران شعب طموح للتغيير والتحول المنشود لمستقبل وضاء طاهر من الفساد والإفساد للمجتمع والدولة والواقع.
فأنتجت تحالفاً لقوى الفساد بكل أنواعه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ويمكن اعتبارها إعادة ترتيب هيكلة تلك القوى، وتجديد نسيجها وتقوية مكانتها، لتقف في وجه هذا الشعب الطموح للحرية، وتمتن قيودها، فتعزز من قوى نفوذها القبلية والطائفية والعرقية، فتستدعي كل ما هو سيئ ليسوء الواقع وتطفو على السطح كل القاذورات والأوساخ التي تخلق فوضى وتغيب النظام والقانون وتعبث بالواقع ليخدمها ويبدد أحلام الطامحين بتطهير الوطن من الفساد والاستبداد.
لا يعيش المستبد بغير واقع فاسد، وقوى فاسدة تستغل النفوذ في نشر فسادها وتعفن الواقع المعاش، اليوم الفساد يجدد نسيجه ويهيكل كيانه ويعيد ترتيب أولوياته ليخدم الاستبداد والمستبد، يتخلص من بعض أذرعه التي بدأ ضميرها ينبض وبدأت تصحو وتصحح مسارها، ويعزز كيانه بأذرع أكثر تعصباً للطائفة والسلالة وأكثر ولاء وطاعة للمستبد، الملاحظ اليوم نشؤ قوى نفوذ وفساد ومراكز قوى اقتصادية جديدة، ثوار الأمس ممن صجونا بمحاربة الفساد هم فأسدوا اليوم، وأصحاب شركات غسيل الأموال، قوى اقتصادية واحتكارات مستغله نفوذها بالكسب الغير مشروع على حساب المواطن والهم العام، اليوم المال العام ينهب بصورة أكثر بجاحة وتهور، مؤسسات الدولة تضرب وتفرغ من مهامها الوطنية والإنسانية، كل ذلك في خدمة المستبد الطاغية، ويصنع واقع يلبي قناعته ويبدد طموحات الشعب وتطلعاته.
مؤشر ذلك سيطرت قوى الفساد على السلطة، فارتفعت درجة الفساد لامتياز، وبجاحة لا مثيل لها، و واقع مهيأ وبيئة حاضنة للفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإرهاب الصورة الأكثر قذارة للفساد، خزينة الدولة صارت خاوية من الأموال، والصناديق تنهب وتفرغ مما فيها من ثروة، والناس يموت جوعاً دون رواتب ومستحقات، بل الموظف مهدد في معيشته، والمتقاعد يفقد حقوقه ومستحقاته وصندوق الضمان الاجتماعي معرض للإفلاس، الإنسان في هذا البلد معرضون للمجاعة والموت جوعاً، وهناك فئة تثرى وتكدس الأموال وتبني القصور وتشتري الغالي والنفيس، وبكل بجاحة نجد من يبرر هذا الانهيار بل يطلب الناس بالصبر والصمود، وتحمل تداعيات الفشل، لينعم الفاسدون بفسادهم، وتستكمل هيكلة قوى الفساد وتكتمل حلقاتها لتُضيق الخناق على قوى الثورة والمشروع الوطني والحياة وهذا الشعب الطامح بالحياة الكريمة.
واقع مسيء وسيئ، يتشكل بغياب متعمد للنظام والقانون، لأدوات الضبط والربط، للنيابة والمحاسبة والرقابة، وللقضاء، كل ذلك مخطط ليخدم المستبد، والفساد والإفساد، سوى كان في المناطق المحررة أو الغير محررة.
ملامح ذلك الواقع واضحة في مقاوم صادق تحول لنافذ فاسد، وواقع مرفوض تحول لسلوك وثقافة تمارس على الأخر، فما كان يعتبر عفناً صار اليوم حقاً يمارسه البعض ضد الآخرين، تحول البعض ممن لا يملكون شيئا لملاك وأثرياء في لحظة انفلات ونهب واستيلاء دون وجه حق.
للأسف أن ينحط البعض ويسقط في وحل إغراءات السلطة، وينسى كل القيم والمبادئ التي ثرنا لأجلها.
الخطر اليوم يهدد المستقبل، بإفلاس صناديق الضمان الاجتماعي للمتقاعدين لموظفي القطاع العام والخاص والعسكري، والقائمين عليها شركاء فيما يتم، في ظل نقابات مستسلمة للأمر الواقع مهجنة من السابق، لم تتحرر بعد لازالت في حضن المستبد ولوبي الفساد والاحتكار وترقص على نغماته.
مطلوب صحوة نقابية وأصحاب الحق من متقاعدين لسحب الثقة ممن يعبثون بمستحقاتهم وأموالهم لسلطة الأمر والوقع أو حتى لسلطة الشرعية أن وجد، اليوم مطلوب إعادة انتخاب القائمين على تلك الأموال ومحاسبة المخلين واللصوص الفاسدين، السكوت هو التواطؤ ومعناه أن الفأس ستقع على الرأس حينها لن ينفع الندم سيجوع الجميع، وستتكرر وبصورة أكثر قبحاً وبشاعة، العمالة الفائضة وخليك في البيت، وبدون راتب، والنتيجة تفسخ المجتمع وانتشار الجريمة، السقوط في وحل لا يحمد عقباه، هذه الصورة ملامحها كل يوم تتضح، واجب وطني وإنساني إنقاذ ما يمكن إنقاذه، والله على ما قول شهيد.