;
محمد علي محسن
محمد علي محسن

عاد الجنوب يشتي عقل!! 1204

2017-04-13 09:23:03

في سنوات الرعب التي هيمنت على الأرجنتين كان المواطنون يدعون عدم معرفتهم بتلك الجرائم الفظيعة المرتكبة نهارا جهارا وإمام ناظريهم.
ولهم عذرهم، فالخوف والهلع اللذين تسببا بهما نظام الجنرالات البوليسي المتأثر وقتها بنظيره النظام القمعي في تشيلي بقيادة الجنرال أوغستو بيونشيه المدعوم أميركيا الذي قدر له إغراق بلده في حمام دم لا يتوقف منذ انقلابه العسكري على الرئيس المحترم المنتخب ديمقراطيا "سلفادور آندي" في سبتمبر ٧٣م.
خير وصف لتلك المرحلة المظلمة من تاريخ دول أميركا الجنوبية، هو ما أوردته مؤلفة كتاب "عقيدة الصدمة" الكاتبة الكندية "نعومي كيلاني ".
 فالمواطن الأرجنتيني بعيد انقشاع غمة حقبة الاغتيالات كان يردد جملة واحدة تعليقا على مقتل نحو ثلاثين ألف نهاية السبعينات:" لم نكن نعلم بما لم يستطع احد إنكاره ". 
حالنا اليوم أفضل بكثير من تجارب تراجيدية ومأساوية عاشتها مجتمعات عدة، ومع اختلاف الزمان والمكان والنظام، لا يبدو من صمتنا إزاء تصرفات طائشة أن لدينا الشجاعة الكافية كي نعلن رفضنا الكامل لتلك السلوكيات الضاربة لصميم وجودنا كأناس ينتمون لحقبة الحقوق والحريات والديمقراطية.
حقيقة لا أفهم لماذا يصر البعض من الجنوبيين على اختزال جغرافية الجنوب وكأنه بقرة هندية يتوجب عبادتها والتقرب إليها بالمزيد من القرابين والطاعة العمياء.
لا أدري ما الحكمة في تجريد الجغرافيا من الإنسان الذي هو أصل وجودها وتاريخها وتطورها؟ وما الغاية من إخضاع الزمان والإنسان والفكر والسياسة لفكرة المكان الأحادية الراديكالية؟! 
تصوروا مثلا وأحد يتمنطق الكلاشينكوف وجل قضيته إغلاﻕ معبر سناح بالضالع أو الشريجة في لحج! كارثة أن يقدم الجنوب ذاته كبقعة خاوية جرداء من اي قيمة إنسانية أو سياسية أو ثقافية وحضارية.
لا أود الدخول في جدل عقيم مع أناس ليس في رؤوسهم غير مفردتي المعبر او الشريط الحدودي،كأن قعطبة باتت غزة ويستلزمها تأشيرة دخول!.
فمثلما قيل لا تماري عالما أو جاهلا، فالعالم يغلبك بمعرفته وعلمه والجاهل يقهرك أو يؤذيك.
لكنني أخاطب هنا العقلاء وممن لديهم على ﺍﻻﻗﻞ فكرة عن ماهية الحالة اليمنية المعقدة. فعلى فرضية ان الجنوبيين حسموا أمرهم ان لا حل لمشكلاتهم غير استعادة الدولة الجنوبية والى وضعها القانوني والسياسي السابقين ؛ فهل هذا مبرر كاف لأن تغيب فيه الحكمة والرشد ؟!.
الواقع اننا مازلنا نعيش في ظل الدولة اليمنية. وان هناك سلطة شرعية معترف بها وطنيا وإقليميا ودوليا. كما وعدن من وجهة نظري على ﺍﻻﻗﻞ هي عاصمة مؤقتة للبلاد، وما في داعي للمغالطة والتضليل.
نعم، عدن ومحافظات الجنوب تحررت من أعتى قوة عسكرية وقبلية وجهوية، ولكن هذا التحرير لم يكن بمعزل عن دعم السلطة الشرعية وقوات التحالف التي يعرف القاصي والداني أن تدخلها في اليمن كان نصرة ودعما للسلطة الشرعية بدرجة أولى.
ولأجل غاية واحدة هي تطهير اليمن من قوة انقلابية لها أجندة إقليمية ويمكنها مستقبلا ان تكون بمثابة شوكة في خاصرة استقرار دول الخليج.
نعم، عاد الجنان يريد عقل، وفق تعبير الراحل حكيم مجانين الضالع " حوات ".
أعتقد أنني تحدثت بما فيه الكفاية، ودونما الإسهاب في التفاصيل التي قد يساء فهمها.
فما حدث في معبر رفح، عذرا "سناح" أرجو أن لا يتكرر، فعلى هؤلاء أن يدركوا حقيقة أننا مازلنا نعيش في جمهورية واحدة، وسلطة واحدة، وإن كانت هذه الدولة وهذه السلطة في طور التشكل.
كما وعلى الأصوات المبررة للأخطاء في المحافظات المحررة أن تتعلم من أفعالها الخاطئة ومن تجارب الآخرين أيضاً، بدلا من الإصرار على الكذب والخداع وتسويق الوهم.
فليس هناك ما هو أسوأ من تبرير الانتهاكات والجرائم المقترفة بجهل أو بقناعة، فمثل هذه الأفعال يعد السكوت عنها جريمة؛ لأنها وببساطة لا تقيم وطنا أو عدلا أو نظاماً أو مجتمعاً قوياً وحصيناً بما يمتلكه من روح وأفكار وقناعات أصيلة دالة عنه ومحاكية لوجوده.


الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد