واجهت أوروبا صعوبات جمة في بداية مسارها الديمقراطي، وأهمها الأنظمة الديكتاتورية في مواجهتها للتغيير الديمقراطي فايطالية الفاشية والنازية الألمانية نموذجان، يمثلان ظاهرة لفهم وقياس الأنظمة الديكتاتورية اليوم التي تقاوم التغيير وإرادة الشعوب.
رغم أن هتلر وصل للحكم بانتخابات، لكنه عمد على تطبيق نهجه الديكتاتوري في مختلف الميادين.
في السياسة قام بحل النقابات ومنع الأحزاب وفرض الحزب والفكر الواحد، إلغاء النظام الفدرالي وتعويضه بنظام مركزي وحكم الفرد والزعيم الأوحد، حارب الصحافة الحرة والكلمة الحرة والرأي المختلف والتنوع والتعدد الثقافي والسياسي..
في الميدان الاجتماعي تم جعل العرق الآري محور حياة الجماعة مع التأكيد على ضرورة الحفاظ عليه نقيا.
نكتفي بهذه الصفات كمؤشر للأنظمة الديكتاتورية في وطني العربي ومنها بلدي اليمن، ما نراه اليوم هي مواجهة شرسة لإعاقة الديمقراطية كنظام يترسخ على الأرض من قبل قوى العنف والتخلف والعصبية والطائفية والسلالة.
تسلسل الأحداث يرسم المعنى الحقيقي للهدف، كانوا ثواراً، وشركاء في حوار، وفجأة انقلبوا على مخرجاته بل على الثورة وأهدافها، ليكونوا حلفاء مع أعدائها، فرضوا عدواناً داخلياً تمدد للوسط والجنوب والشرق والغرب، بعدوانية لا مثيل لها، أوجدت مقاومة وتحالفا عربيا لصد هذا العدوان المتمدد، فذهبت الغطرسة والتباهي بالنصر على الضعفاء والمسالمين لبكاء ونواح مما يسمونه عدوانا خارجيا، وحرضوا وحشدوا باسم هذا العدوان، حللوا دماء وأعراض وحقوق خصومهم وكل من يقول كلمة حق فيهم.
بمعنى أوضح كانوا الطابور الخامس في جسد الثورة المباركة 11 فبراير وتآمروا عليها، وكعادتهم يرمون الآخرين بدائهم، فعندما فشلت كل وسائلهم في التغرير والتزوير، اهتدوا لمصطلح الطابور الخامس ليحرضوا ويحشدوا ويحللوا دماء وأعراض معارضيهم وشركائهم في ثورة شعب، مصطلح استخدمته النازية ولنفس الهدف وبنفس الطريقة.
مع مرور عامين من الحرب تكشفت الحقائق وطفت على السطح قيمهم وأعرافهم وشيمهم ومشروعهم، بممارسات مشينة أسقطت القيم والشرع والأعراف، فاحت روائح وحلهم القذر، أزكمت أنوف أصحاب الضمائر والمشاعر الإنسانية من أنفس وعقول تشعر وتميز بين النتن والطيب والحق والباطل، فانتفضت وقالت لا لن نكون جزءا من هذه السفالة، وبدأت تنفرط روابطهم بهذه الجماعة، وعادوا أحرارا متأخرين ولكنهم أفضل مما لم يعودوا، ولكي يتوقف هذا الانفراط والتحرر من عبوديتهم و وهمهم وتسلطهم، وسيلبيتهم الشبيهة بالنازية الطابور الخامس لتبرير جرائمهم بحق كل من يصحو ويعي مصالحه، ويحدد موقفا عقلانيا وطنيا صادقا شريفا وحق.
الطابور الخامس، وأضاف إليه البعض (الملعونين) إلى جانب مصطلحاتهم المرتزقة والمأجورين، كل ذلك لاستمرار تصفية كل المعارضين والرافضين لمشروع السيد والزعيم بمعالمه الاستبداد السلالي والطائفي الذي لا تستقيم معه مخرجات الحوار الوطني والدولة الضامنة للمواطنة.
ماذا بقي لهم، لو كانت لديهم؟ قنبلة نووية لأحرقوا المناطق التي تحررت من سلطتهم ورفضت الخنوع والاستسلام لهم، ولو أتيحت لهم الإمكانيات لرموا كل من يقول لهم لا لأفران الحرق كالنازية، التي يشبهونها سلوكاً وفكراً وتصلباً، ونهايتهم كنهايتها بإذن الله.