الجاهل مطيّة للمستبد وفتنه ونار لإيقادها وضرع تتغذى منه وظهر تركبه، فتنتشر في الآفاق ليوصلها في الأرجاء، فيبعثها للأجيال، كلما ارتفعت نسبة الجهل يسهل انتشار الفتن وتوسعها، من خلال الاختلاف والتنوع الذي يراه الجاهل جريمة، وتٌهنا عن الحلول لتعقد المشاكل.
المجتمع الحي والمتنور والواعي يدرك أهمية التنوع الثقافي والفكري والتعدد السياسي كضرورة للجنس البشري، وهو التراث المشترك للإنسانية ينبغي الاعتراف به والتأكيد عليه لصالح أجيال الحاضر والمستقبل، إنه قوة للنهوض والازدهار والحياة والحب والسعادة.
الجهلة مشكلة المشاكل على مر الأزمنة، ثغرة المستبد ليفكك المجتمع ويختار منهم أنصاره وخدامه، بالجهل والفقر والمرض والظلم تنهك المجتمعات وتعذب ليسهل تسييرها بالفوضى والعشوائية التي تخدم الفساد والإرهاب وقوى العنف والاستبداد، إذا تكلم الجاهل يتأزم الواقع وتتوسع الفجوة، ويتقاتل الناس على أتفه الأمور، وتزداد الأحقاد والضغائن والكراهية، الجاهل وعلاماته، بألفاظه السوقية وتسمياته المشينة للآخر وتصرفه البلطجي، لا يعي أهمية الاختلاف والتنوع، والتفاعل الفكري والثقافي، كل من يعارضه عدو ويختلف معه خصم لدود.
يقتات الاستبداد والمستبدون اليوم من صوت الجهل المرتفع، فيتسيد التخلف والتعصب في مشروع دكتاتور يتشكل كبديل ليعبق دولتنا الفتية، ثرنا لنتحرر من الزعامات والقادة والعسكر والقبيلة لنبني دولة مدنية حديثة، قائدنا مشروعنا قيمنا مبادئنا الدولة الضامنة للحريات والمواطنة، من يحمل فكرة المشروع كثقافة وسلوك نحن معه وداعمين له ولمشروعة، نرفض تمجيد وتقديس الأفراد نرفضه، العقلية القبلية والتربية العسكرية العنيفة تبحث عن فرصة وبيئة تساعدها لتتحول لديكتاتور، يرى من وجهة قصر نظر، أن الدولة لا تستقيم مع الحرية والديمقراطية والتعدد السياسي، وفي دهاليز تلك العقلية يروج لفكرة إلغاء التعددية والديمقراطية لخمس سنوات ليؤسسون دولتهم بسمات أجنداتهم وقناعاتهم وإلغاء وإقصاء وتهميش الآخر المختلف، العودة للنظام الشمولي والفكر المتعصب الأوحد.
نحر مشروع الدولة الضامنة للمواطنة في مهدها، كنحر الوحدة، بالقضاء على أدوات التنمية السياسية والنهضة الديمقراطية، الأحزاب وتعددها، الحلم الذي ناضل آباؤنا ولازلنا نناضل من اجل تحقيقه، وقدمت من أجل ذلك قوافل من الشهداء والضحايا، مقارنة بسيطة ستجد توافق العقلية القبلية المتصلبة في الشمال والجنوب معاً.
اللهم جنبنا عبث وشر الجهلاء وتخلفهم وطيشهم وتهورهم وغباءهم، ووفق المخلصين والأحرار والثوار للدفاع عن مكتسبات نضال الأولين والآخرين على مر السنيين، لنرسي الدولة الضامنة للحريات والمواطنة، الدولة الاتحادية اليمنية بمخرجات الحوار الوطني ومسودة الدستور التي تلبي طموحات وآمال الجميع وتقبل الكل في وطن يستوعب الكل دون استثناء ويلم شتات الأمة ويوحّد صفها ويجمع كلمتها في مشارق الأرض ومغاربها، ويجعل من الوطن حضناً دافئاً للجميع ويحمي ويصون الجميع دون استثناء.