واقعنا مشحون ومفخخ، والبعض يلهو ويلعب بالنار التي ستصليه قبل غيره، عقول برمجت وأفكار روجت، وحقائق زيفت، والنتيجة تزييف الوعي، لتجريد المجتمع من القدرة على المواجهة وإدراك حقيقة الواقع، ليسهل تسيير الحشود كقطيع وتجريدهم من الهوية، كل ذلك يحدث في مجتمع متخلف متعصب سريع الغضب والخصومة، مجتمع يصطدم فيه المثقف الواعي بمثقف سهل امتطاؤه ليكون وسيلة للاستبداد والتخلف والجهل والعصبية والفتنة.
قضيتنا واحدة، وألمنا وأوجاعنا هي ذاتها، نتفق عليها ونختلف بمجرد الرهان على أفراد وزعامات، فتبدأ عملية الترويج فتجد البضاعة الفاسدة فرصتها لتغزوا الأفكار والقناعات والاختيارات، فتجد من يسير مع التيار ويعوم مع الموجه، فيصدم المشروع الوطني والحلم والطموح بكم هائل من فساد الأفكار والرؤى والتوجهات، فتغزونا الفتن لتتآكل القيم والمبادئ والأخلاق، ليسهل للمستبد والفاسد والمغرض والأناني أن يمسك طرف الخيط ليجر الناس لخدمته نحو الهاوية.
الله يرشدنا بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) يعني: تثبتوا (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، ونحن لا نعير لغير صوت الفتن ما ظهر منها وبطن، نردد وننسخ ونلصق حكاوي ومنشورات وصور مفبركة، تؤجج الفتن وتشعل نار الحقد والضغائن، ويا فرحة المتعصب وهو يمارس هوياته بعلم أو بجهل نتائجها الكارثية على المجتمع والعلاقات بين الناس.
المتابع للوضع والحوارات والثقافة السائدة، سيجد أن الفتنة تنتشر وتتوغل بين أوساطنا، وحان الوقت للتصدي لها، رسالتي للمعنيين لكل غيور على هذه الأرض لنشكل جبهة وطنية وميثاق شرف، نفعل فيه النظام والقانون المتعارف علية في كل العالم، الذي يعتبر القذف والاتهام والسب والشتيمة والتعزير والتزوير والابتزاز جرائم مدانة يعاقب عليها وفق النظام والقانون لتصون المجتمع من الفتن،أجهزة الأمن اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى وحرص بإيقاف هذا العبث والمهازل ونار الفتنة، وتتابع خيوطها وامتداداتها، وتكشف مخططاتها وأدواتها وتعلن الحقيقة الصادقة للناس لنعرف من هي الجهة العابثة بنا وبالوطن وبقضيتنا العادلة، مجرد ما أن تتحرك أجهزة الأمن بحيادية و وطنية دون تبعية، ستتوقف كل تلك المهازل، وسيعرف المذنبون والفتانون أن مصير الوطن ليس لعبة بيد أطفال وعقول تهوى ترديد السوء والاتهامات وتشعل نار الفتن ما ظهر منها وما بطن، وهناك أيادي تعبث عن قصد وببغاوات تردد عن جهل وحقد وكراهية يدمرون القيم و ما تبقى في البعض من أخلاق ليسقط المجتمع في وحل من الصراعات ليسهل التهامه من قبل قوى العنف والاستبداد.
فاتقوا الله، عباد الله، حافظوا على ألسنتكم وأقلامكم، حافظوا على مجتمعكم على وطنكم على قيمك ومبادئكم وأخلاقكم من الدخول في هذه الفتن والشرور، وقانا الله وإياكم والمسلمين شرها، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفره إنه هو الغفور رحيم.