جاءنا رمضان والناس تنتظر الرحمة من سلطة وحكومة ورأس مال، خواتمه المباركة العشر الأخيرة تنطوي، والناس لم تلتمس شيئاً من الرحمة والرفق بها وبمعيشتها وحياتها وخدماتها، ولو جزءاً من التكافل، رحمة الحاكم على المحكوم، رحمة المسئول عن حقوق ومستحقات الناس أن يفرج عنها ليعيشوا ويستمتعوا كالآخرين بليالي رمضان والعيد، لتعم الفرحة أولادهم وأسرهم، رحمة التاجر في البيع والشراء بما يرضي الله والقانون والنظام ولتخفيف جور غلاء الأسعار ولهيبها الجنوني على كاهل المواطن المسكين.
أفرج عن جزء من الرواتب المتراكمة للقوات المسلحة والأمن، راتب شهرين من ستة أشهر، فرحة عمت بعض الأسر المنتظرة الفرج وصلها الغيث قطرات، فرحة عكرتها خصومات ما بين عشرين وثلاثين ألف ريال للبعض، خصومات أين تذهب ولمن؟ لميزانية الدولة أو لكروش الفساد، خصومات غير محصورة بالرقم والعدد لا يعلم مقدارها إلا الله، ومن سيحاسب من؟ هنا يرتع الفساد وينهش حقوق ومستحقات المساكين، هنا ترتع قوى النفوذ والكسب الحرام لتتكون قوى جشعه تبحث عن وسائل للخصم من رواتب الجنود لتعيش هي في نعيم متسيدة.
استلم مائة ألف ريال راتب شهرين بعد خصم عشرين ألف، ذهب لشراء ملابس لأطفاله وحاجيات ما تبقى من رمضان والعيد، لم يستطع أن يضبط الحسبة، كان الغلاء قد استفحل والأسعار في ارتفاع مستمر، في مدينة عدن المكلومة التي غابت فيها الرحمة والضبط والنظام والقانون، صار السوق يتلاعب به المحتكرون، أسعار جنونية، (أعجبك أو اطرح)، المضطر يشتري، والغير قادر معه الله، وأكثر الأسر متعففة أبوابها مغلقة وتعاني وتتألم سراً، الكل يشكو والتاجر يتحجج بالإتاوات التي يضيفها لسعر السلع، وكله على ظهرك يا مواطن، يقال إن في صنعاء الأسعار تهون، هل تحاصر المناطق المحررة من قبل الاحتكاريين لصالح الانقلابيين.
كلها ضربات موجعة على رأس هذا المواطن البسيط، في راتبه وخدمات مدينته، وأسعار أحرقت كبده وعكرت فرحته، وحكومة لم تعالج أوجاعه، اللهم آمنا في عدن وأبعد عنا كسل وإهمال مؤسسات الدولة في أداء مسئوليتها في ضبط أمور الحياة والمعيشة ومراقبة الأسعار والجودة، وجنبنا الغلاء و الربا و الوباء والبلاء والفساد و المحن وسوء الفتن ما ظهر منها و ما بطن وارحم عدن يا علي يا قدير.