الوقت ليس في صالح المفصعين، ووجه التعزي لن يظل متسكعاً في تتبع وجهة الرصاص الشارد.
كنت أدافع عن حق مواطن في اللعن والصراخ، وهو يضغط على بطنه؛ فقد أقفلت جميع المطاعم أبوابها الجمعة الماضية، على وقع الاشتباك، من المؤكد أن الكثير من هذه المطاعم في مدينه تعز جمعت الأطعمة، التي كانت معدة للزبائن، وألقتها في الزبالة.
هذا اختبار ساذج لصبر الجيش، والآن لم يعد ثمة ما يمكن تقديمه كبديل، لفرض سلطة الدولة، خارج فكرة «انتزاع تعز من براثن هذه المجاميع»، ليحدث هذا الأمر، أياً يكن الثمن.
من البداية كان على «بلاطجة الأسواق» الكف عن الإمعان في استباحة سكينة المدينة، وترويع الناس، وتقديم صورة مشوهة عن تعز للآخرين؛ إذ لا يجوز السماح بتدمير القناعات التي جرى على أساسها بناء فكرة الكفاح.
والآن بعد أن استباح الأوغاد أمان الطفولة في قلب تعز المحررة، كيف سيمكن إقناعهم بأن قتال الحوثيين في الجبهات هو لضمان تحقيق الأمان لهم؟..
ثمة حالة عنف تتصاعد كل يوم في المدينة، هي جزء من مشهد يراد له أن يصبح تعبيرا عن «مقاومة تعز»، بينما يتجاسر رجال المقاومة الحقيقيين في الجبهات عن تلبية نداء الاستفزاز، ويمارسون ضغطاً كبيراً لمغالبة ثورة استنكار عارمة في نفوسهم، مقدرين في كل مرة ظروف المدينة التي لا تزال في مواجهة مع شتى صنوف الموت والعقاب.
على أن «بلاطجة الأسواق» يرفضون حتى الآن وضع ما تبقى لديهم من عقول، عند مستوى معين من الفهم، يرشدهم إلى صورة التداعيات الفادحة، للاستمرار في إشعال النيران داخل المدينة؛ وكون هؤلاء يعيشون حتى اللحظة طلقاء بتلك القوة، ويمتلكون القدرة لإعادة تفجير الوضع داخل المناطق المحررة، لا يعني أنهم سيظلون في منأى عن العقاب؛ فالصمت خيار تكتيكي للجيش، ومن السخف التوهم أن مقاتلي تعز في واردهم التفريط بمكاسب عامين.
إذاً على هذه المعاصي التي تتحرك على متن أطقم ودوريات عسكرية داخل الأحياء، وتقلق السكينة العامة، أن تعي فداحة ما تقوم به على سمعة المدينة، وتضحيات رجالها، وتقلع عن هذا النزق الذي لا يبرره شيء..
عليها أن تفعل ذلك الآن، قبل الغد، وإلا ...!
