;
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

أزمة الوعي ومحنة الأحداث 1268

2017-09-18 20:11:18

مع كل حدث معيب يحدث يؤكد لنا حجم أزمة الوعي التي نعيشها، حيث أن الوعي هو ما يمتلكه الإنسان من أفكار ووجهات نظر تتعلّق بالحياة ومفاهيمها وما يحيط به من بيئة، وقد يكون وعياً حقيقياً بطبيعة القضايا المختلفة المطروحة على ارض الواقع، وقد يكون وعياً مُضللاً لا يدرك الأمور على حقيقتها التي تجري عليها؛ ما يجعل حكمه على مختلف القضايا والأمور التي تجري من حوله حكماً خاطئاً لا يستطيع مقاربة عين الصواب بأيّ شكلٍ من الأشكال، مستندا على مغالطات وحشوا وتحريض وتأليب، ويرتكز الوعي على الثقافة والعلم والتجربة، ومستوى التفكير والنشاط الذهني، ومع كثر الكسل العقلي وضعف مستوى التفكير لدى البعض، يسهل انقيادهم وتوجيههم ورسم صورة ذهنية تأسرهم نحو وهم، حتى أصبح الإرهاب ضالتهم في وصم الآخرين ومبرر للانتهاكات، حيث أصبح الإرهاب تهمة العصر لكل من يختلف معهم أو يعارض قناعاتهم. الإرهاب أسهل وسيلة للتشويه والتأليب، وسيلة قذرة لشن حرب أقذر ضد قوى سياسية أو دينية في مؤامرة دنيئة ضد الشركاء، بينما الإرهاب هو كل ما يهدد حياة الإنسان وفكره وقناعاته، وفق ذلك يصبح كل من يمارس إقصاء وتهميش واجتثاث الآخرين هو إرهابي، وكل من يتمنى للأخر الزوال أو الموت هو إرهابي، فالإرهاب تطرف وغلوا ديني وسياسي وفكري كان يساري أو يميني لبرالي أو علماني أو عقائدي، الإرهاب لا دين له ولا عقيدة، الإرهاب فكر ضال يحارب بفكر نير، محاربة الإرهاب بالموت هو إرهاب يضاعف من حجم المشكلة ويزيد من تنامي الإرهابيين ويعطي مبرر للقتل خارج النظام والقانون، الإرهابي واضح في خطابه ضد الأخر في اتهامه وتكفيره للأخر في رفض التعايش وقبول الأخر في طائفيته ومناطقيته وعنصريته وخطابه التحريضي وتأليبه لكل من يختلف عنه ومعه.
للأسف تكتظ اليوم السجون بالمشتبهين والمتهمين بالإرهاب، لهدف أخر لا علاقة له بمحاربة الإرهاب، حيث تتحول تلك السجون لأوكار تنامي الإرهاب ونشر الأفكار الضالة، سجون أوضاعها مزرية تتنافى مع حقوق الإنسان وحياة البشر، وهي مصدر لانتشار الجريمة والخارجين عن القانون والحاقدين والغاضبين والأمراض النفسية والعصبية، بيئة صالحه لصنع إرهابيين بامتياز .
محاربة الإرهاب يحتاج لدولة النظام والقانون، وأمن واستقرار، وحدة الصف والهدف، يحتاج لعدل ومساواة وإنصاف، يحتاج رفع مستوى التعليم والثقافة والوعي النير، لمحاربة كل ضلال وباطل بالخير والظلام بالنور، يحتاج لعقلانية الخطاب ومعالجة الأمور وتكاثف القوى في محاربة الفساد والجريمة، وتشكيل أجهزة أمنية وقوات مسلحة تخضع لسلطة الدولة يحكمها النظام والقانون استكمالا لتشكيل جيش وامن وطني، الوطن والسيادة والمواطنة العادلة في مقدمة اهتماماته، محاربة المليشيات التي تدار بأجندات غير وطنية وقيادات مرتبطة بمشاريع معيقه لمسار النضال والتحول المنشود، يصب في خدمة الإرهاب .
مجرد مقارنة بسيطة خلال الخمس سنوات الفائتة ستعرف حجم المشكلة أسبابها وتداعياتها، ولازالت الكارثة قائمة والنتائج وخيمة وكل يوم تزداد الحالة تأزما والمجتمع تأثرا والوعي انحطاطا والواقع سقوطا، ولازلنا نقتل بعض بتهم وأجندات لا علاقة لها بالوطنية والمستقبل والسيادة والاستقلال، بل لمزيد من الاستبداد ومصادرة حقوق وأراء الآخرين، وتهميشهم وإقصائهم بل اجتثاثهم .
 أزمة الوعي بل تغييب الوعي من جانب وتزييفه من جانب أخر بكل الوسائل مشروعة وغير ومشروعة الظاهرة والباطنة، خطر يهدد واقعنا ومستقبلنا، نحن أدوات ذلك الخطر، فاقدي الأهلية مقيدين ندار بأجندات خارجية، مخدوعون ننجر خلف وهم منخرطين في دائرة الوعي المنشود لديهم، الذي يصبّ في صالحهم ويؤسس لأطماعهم ويجعلنا مجرد تابعين .
نشعر بخطر الأطماع، والحيرة والألم من ممارسات تثير فينا الشكوك وتزيد من الأوجاع وتعيق النصر والحسم، جبهات للمساومة، دون واعز وطني ولا ديني بحجم التضحيات وزهق الأرواح وسفك الدماء، كارثة تزرع فينا الخوف، شعورا قد يدفعنا للدفاع عن سيادة البلد أن يتحول الحليف لمغتصب، والصديق لعدو، تلقائيا قد نجد مخاض يشكل جبهة لحماية السيادة والأرض والثروة تفرضها الأحداث والوقائع، ولنا تجارب في محاربة الأطماع، والحذر من الجائع أذا انتابه الخوف والشعور بالخديعة، لم يعد لديه ما يخسره غير سيادته وكرامته التي لن يفرط فيها بل سيقاتل حتى أخر رمق في حياته من اجلها .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

خالد الرويشان

2024-09-28 00:47:57

المارد والقمقم!

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد