على مدار التاريخ ظهرت اليمن كقوة فاعلة في المنطقة وخارجها، وبرز الدور اليمني وحضارته الخالدة منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام، يمكننا تذكر دولة سبأ وحمير وغيرها من الدول اليمنية التي ذاع صيتها في البقاع والأصقاع، حتى خلد الله ذكرهم بوصفهم أنهم كانوا شعبا "أولو قوة وأولو باس شديد" هذه القوة التي أكدها القرآن الكريم كشاهد تاريخي لليمن تكشف عظمة هذا الشعب، لكن ما الذي حصل حتى تردى إلى أعمق المنحدرات وأكثرها تخلفا وضياعا على مستوى المنطقة .
إنها العقلية الحاكمة التي تسلطت على هذا الشعب، لتحوله من شعب عظيم يقيم المنجزات العظام،إبتداء من الإبداع الهندسي في بناء السدود والمدن والمعابد، إلى قوة السلاح والتصنيع العسكري .
العقلية الحاكمة السلالية التي هيمنت على مقدرات هذا الشعب قبل أكثر من ألف عام هي من حولت هذا الشعب العظيم الذي كان رجاله مصدرا للتنوير العلمي والفتح الإسلامي، إضافة إلى بروز رجاله كقيادات عسكرية وصلت بفتوحاتها من أقصى الشرق في الصين إلى أقصى الغرب في الإندلس – أسبانيا اليوم – وأظهرت تميزا رائدا في كل المجالات .
في عام 1962م خرج هذا الشعب معلنا ثورة على مخلفات الموروث الإمامي الذي أحال اليمن إلى مقبرة للعلم والتنوير، محاولا النهوض من عثرات أكثر من ألف عام من الأمية والتخلف والخرافة، ومضى الشعب في مشروع الحرية والعلم والتحرر، لكن ثمة أحقاداً وتصفيات دفعت من وثق بهم الشعب يوما في توليته مقاليد قيادته ” نظام المخلوع صالح ” للتحالف مجددا مع كهنة الظلام وعصابات التخلف، بعد أن لفظه الشعب من السلطة، فعاد منتقما ليسلم اليمن إلى أيادي الغدر والخيانة والكهنوت.
اليوم ثمة فاصل زمني قصير يفصل أسياد الحرية للوصول إلى أهدافهم، مقابل إنتفاشة العبيد أو مقاولو الثورة المضادة التي يستميت فيها أسياد العبودية، للبقاء تحت نعال المستعبدين.
الشرعية وعبر ذراعها العسكري "الجيش الوطني" يسطرون اليوم ملاحم الكرامة في كل جبهات الوطن دون توقف .
ما يجري اليوم من نضال في كل جبهات المواجهة التي يقودها جيشنا الوطن هو ترسيخ لقيم الحرية، التي تعد في مقاييس الشعوب خطوة عملاقة للوصول إلى كل الأهداف السامية والنبيلة التي تحقق الاستقرار والسلام والرقي .
أيها اليائسون ضعوا عن كواهلكم أغلال اليأس، وتلحفوا بدثار الأمل والعزيمة وثقوا أن عجلة الحرية قد تحركت، ولن يوقف أحد دفتها، فالأحرار يدفعون اليوم ضريبة باهظة التكاليف للوصول إلى شواطئها، فاتورتها الدم، وملحقاتها جبال من التضحيات في كل الميادين، وعنوانها الشرعية، ومقصدها تنظيف فناء الجمهورية من كل نفايات النظام السابق، ليبقى النظام والقانون هو السيد الأول في قانون البشر، بعيدا عن مقاييس العبودية والاسترخاص للذات والعقل.
لن يرضى الشعب اليمني أن يعيد حقبة ألف عام من التخلف والعبودية مجدا في عصر الذرة والإنترنت، ولن ندفع فاتورة العبودية مجددا، كي يحكمنا سيد حاقد أو زعيم منتقم .
رغم كل التحديات التي تحيط بالشرعية اليوم، إلا أن عزيمة الرجال المخلصين فيها، وتضحيات القادة الأوفياء في صفوفها في كل مناطقها العسكرية وألويتها المسلحة كفيلة بدفن كل المؤامرات التي تحاك من الداخل والخارج، وسنهيل التراب على كل المشاريع الصغيرة التي ترفض الحياة والحرية، وسيكون مصيرها الموت والزوال .
ستمضي الشرعية بموكبها الكريم قدما، ولن تتراجع إلى الخلف مهما كانت الصعاب والتحديات، فعيوننا باتت تشرأب نحو أهدافنا النبيلة التي قرب الوصول إليها، مهما حاول الطرف الآخر التذاكي للظهور بمظاهر المنتصر .
الجميع يعلم أن المرحلة صعبة والإمكانيات شحيحة، لكن رصيد العزيمة وروح التحدي هي عنوان النصر ومقصد التمكين الذي سيتم قريبا إنشاء الله على يد هؤلاء الأحرار .
لن نقف عاجزين أمام تحديات الأزمة، ولن نتوارى أمام ثقل المسؤولية، ولن نصمت أمام ضغط المرحلة، ولن ننسحب أمام جبروت الباطل، وستظل جبهتنا الداخلية والخارجية عناوين خالدة أمام العالم .
مسيرتنا في هذه المرحلة روادها هم الأوفياء، وطلابها النبلاء، وقادتها المخلصين، ولن نلتفت في هذه المنعطفات، لمن يحاولون العيش على ظهور الأوفياء لهذا الوطن، ولا ننجر إلى مهاترات صغيرة مع الأقزام، فالتاريخ كفيل أن يضع لكل ذي قدر قدره، ولا نامت أعين الجبناء .