صحيح أن الجهل هو السبب الرئيسي والعامل الأساسي وراء كوارث الشعوب، من انتشار للفساد وانهيار الدولة وتدهور الاقتصاد واستمرار الحروب والصراعات الداخلية وتفشي الفقر والمجاعة والأمراض؛ لكن هنا في اليمن توجد 3 أسباب رئيسية وعوامل أساسية في كل كوارث الإنسان المفتعلة في هذا البلد المغلوب على أمره.
وتكمن كوارث اليمن في الديكتاتورية والمركزية والطائفية، وجميعها مشاريع دخيلة على الشعب اليمني، وتتنافى مع عادات وتقاليد المجتمع اليمني المعروف بالوسطية الاعتدال، والاجتماعية الشعبية في الحياة والشورى في الحكم، والحكمة في القرار والتعاون مع الدولة في إدارة شئون الذات .
الديكتاتورية - المركزية - الطائفية، تلك الثلاثة المشاريع القبيحة الدخيلة على المجتمع اليمني، لم تنزل صاعقة من السماء، ولم تنبت زنبق من الأرض، ولم تنبعث بعوض من مستنقع؛ ولكنها وُجدت بصنع صانع، وحضرت بفعل فاعل، مثلما يوجد المصنع السلعة ويجلبها التاجر.
فالديكتاتورية لم تكن كارثة اليمن لولا ان صنعها صالح لنفسه واستباح في سبيلها دماء أبناء الشعب اليمني جاعلاً من نفسه كارثة بل أم الكوارث لليمن.
والمركزية لم تكن كارثة اليمن لو لا ان اتخذها صالح نظاماً لحكمه نكاية بالشعب اليمني لا حباً فيه حتى جعل من صنعاء كارثة على اليمن بمركزيتها.
والطائفية لم تكن كارثة اليمن لو لا أن جلبها الحوثي ونشرها وكرسها في البلاد ومزق النسيج الاجتماعي للشعب اليمني ونشر الحروب بين أبنائه جاعلاً من نفسه كارثة الكوارث في هذه البلاد.
ديكتاتورية صالح
عشق صالح المفرط للسلطة جعل منه دكتاتورياً مستبداً وفي سبيل البقاء على رأس هرم السلطة استباح الدم اليمني، فسخر جيوش الشعب في الانتقام منه وسلم سلاح الشعب لأعداء الشعب نكاية به.
لو لا دكتاتورية صالح وعشقه المفرط الغير شرعي للسلطة لما اضطر الشعب في الخروج ضده والقيام بثورة أطاحت به، ولما اضطر هو نفسه لارتكاب ابشع خيانة بحق شعبه في تسليم الجيوش والعتاد للمتمردين الحوثيين للبطش بالشعب ولما وصلت البلاد إلى ما هي فيه الآن.
في نفس صالح تكمن كارثة اليمن لا في شخصه، فلو لا دناءة وأنانية نفسه لما خان الشعب ولما تحالف مع الحوثيين ولما استباح دمه من أجل السلطة.
مركزية صنعاء
ليست صنعاء كارثة كمكان ولا سكان، بل هناك من شيطن صنعاء وجعل منها كارثة على الشعب اليمني بمركزيتها لا بأرضها وأهلها .
عندما جعل صالح نظام الحكم في اليمن مركزياً، لم يكن يهدف إلى ذلك من أجل الشعب، بل من أجل نفسه، ليضمن بقاء السلطة ومصير البلاد تحت يده في صنعاء يتحكم بها بمفرده .
جعل صالح من صنعاء العاصمة المركزية للبلاد شمالاً وجنوباً، ونال ذلك استحسان الشعب طيلة فترة حكمه لثقة الشعب به دون ان يدرك هدف صالح من وراء مركزية النظام واختيار صنعاء مركزه، حتى تحالف صالح مع الحوثيين وسلم كل مؤسسات الدولة ومقراتها للمليشيا المتخلفة التي عاثت بها ودمرت كل مؤسساتها، حينها أدرك الشعب اليمني أن صالح كان يهدف من وراء مركزية صنعاء معاقبة الشعب جاعلاً منها كارثة من كوارثه المعاصرة .
لو كان نظام الحكم في البلاد فدرالياً، لما تمكنت مليشيا الحوثي من السيطرة على كافة وزارات ومؤسسات الدولة كوزارات الدفاع والاتصالات والمالية والبنك المركزي، ولما كانت سيطرتها على صنعاء بذات الأهمية، كانت ستكون كأي محافظة تسيطر عليها مثلها مثل عمران أو صعدة وذمار .
بسبب مركزية صنعاء لا تزال مليشيا الحوثي تسيطر على كافة وسائل الاتصالات في البلاد وتتحكم فيها وتدر عليها بالأموال الطائلة حتى اللحظة من كتابة المقال وستظل حتى تحرير صنعاء المركزية .
طائفية الحوثي
كارثة الكوارث بل أمها ومصدرها، طائفية الحوثي الدخيلة على المجتمع اليمني النابذ للعنصرية والطائفية، جاءت فشرخت المجتمع ومزقته وسفكت دماء ابناءه جنوداً ومواطنين، استباحت حرمة وقدسية المساجد ودور القرآن واختلقت الكوارث .
لو لا طائفية الحوثي لما نجح صالح في الانتقام من الشعب بكل هذه البشاعة، ولو لا طائفية الحوثي لما أصبحت مركزية صنعاء كارثة على الشعب اليمني .
طائفية الحوثي أدهى الكوارث وأكثرها دموية وجرماً وبشاعة، أكلت الأخضر واليابس، دمرت صعدة من قبل وعزلتها عن محيطها اليمني، ولم تكتف بذلك، بل مضت إلى عاصمة البلاد وأغلب محافظاتها حتى عزلت اليمن عن محيطه العربي وجعلت منه ساحة حرب مستعرة وقودها من الطرفين ابناء الشعب اليمني .
كل تلك الدماء التي سالت ولا زالت تسيل منذ ظهور طائفة الحوثي قبل نحو 13 عاماً جميعها دماء يمنية يدفع ثمنها الشعب اليمني دماً ومالاً ومستقبلاً .
كل تلك الكارثة الأدهى والأمر في تاريخ اليمن المعاصر، جلبتها طائفة الحوثي إلى اليمن وأدارتها على رؤوس اليمنيين تقرباً وتزلفاً إلى إيران، ولن تعود على اليمن والمواطن اليمني بأية فائدة غير التبعية والخضوع والانقياد لإيران والاستعباد من قبلها ان انتصرت تلك الطائفة الدخيلة، وان خسرت وانتصر الشعب عليها فلن يربح شيء غير استعادة سيادته ووقف نزيف دمه والحفاظ على من تبقى من ابناءه ولملمة جراح قد لا تندمل، وإعادة بناء ما يمكن إعادة بناءه، للعودة إلى ما قبل ظهورها إن أمكن، ولا أرباح تجنيها الشعوب من الانتصار في الحروب خصوصاً الداخلية غير البقاء على قيد الحياة ليتسنى بعد التعافي منها الشروع في بناء الدولة والرحيل بعيداً عن مآسيها ومسبباتها لضمان مستقبل واعد بالخير والازدهار للأجيال القادمة.