في كل لحظة وموقف علينا أن لا ننسى أن هذه أرضنا وهذه مدينتنا وهذا وطننا، ومن فيها شركاء لنا، في كل قرار يتخذ علينا أن نكون أكثر حرص تجنباً لإشعال نار الفتنة، وعلى النخب أن تدرك جيد أننا في مجتمع أقولها وبأسف متخلف جاهل، يصدق كل ما يقال، تسيره عواطفه فيما رحم ربي منهم ويستخدمون عقولهم ولا ينجرون خلف كل ما يشاع لنفس الهدف هو اللغط، إذا كثر اللغط وازدادت الفتنة وانتشر الكذب واحتد الخلاف فادع الله (اللهم أهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم(.
نحن في مرحلة حساسة، ندمر أدواتنا، ولا نستثمر الفرص المتاحة لتحقيق ما نصبوا إليه، نتجرد من ما هو شرعي لنبحث بين ركام حروبنا وصراعاتنا عن شرعية نستظل بها، فنذهب بعيدا مستعجلين متعصبين لمواقف، تسهل للمغرضين جرنا لنكون أدوات لأهدافها الغير وطنية.
نحن ضحية أشراك معدة من قبل أطراف خارجية وداخلية، لأهدافها المريضة، أشراك أداوتها منا وضحاياها منا، والنتيجة فقدان السيادة والكرامة والعزة لوطن منقسم على ذاته، ليتحول لساحات صراع إقليمي،تصفية حسابات إقليمية نحن في غنى عنها، وتخدم عدونا الاستراتيجي، ويقضي على مشروعنا الوطني، ما حصل في الجنوب لم يدرك خطورته الشمال وطنيا وإنسانيا حينها واليوم ما حصل في الشمال لم يستوعب درسه الجنوب، كلا يتربص للأخر وعندما تتاح الفرصة ينقض، ومستندا على ما امتلكه من قوه، متناسيا أن البندقية لا تبني ولا تعمر، بل تقتل وتدمر، وان العنف يولد عنفا اشد ضراوة، وان الظلم يبرر لاستمرار الصراع بحجة حماية الكيان والفكر من الاجتثاث، وان النصر بالعنف هو بداية الهزيمة، وتاريخنا غني بالتجارب.
استهداف الشرعية اليوم خطأ استراتيجي لن يدرك عواقبه المستهدفون، يخدم عدونا الاستراتيجي، بهدفه الاستراتيجي إسقاط الشرعية ليحلل شرعيته، ما نحتاجه اليوم هو إصلاح كيانها وتصحيح مسارها واعوجاجها، هو الانخراط فيها لنكون أدواتها الخيرة، ولا نترك مجال لأدوات الشر والفساد للاستحواذ بها، نحن بدون شرعية سنكون بدون غطاء وبدون دعم، وسنذهب للمجهول، وسنجد أنفسنا أمام شرعيات مزورة تتصارع لفرض شرعيتها على رؤوسنا الموجوعة وأجسادنا المتهالكة والوطن لم يتحمل سيتفكك بكل سهولة ويسر.
اللغط القائم، لن يجدي نفعا بل شرا، يزيد من حدة الصراعات والتفكك والتشرذم، حينها لا ينفع الندم، وستذهب مشاريعنا الوطنية والإنسانية في مهب الريح نكون قد فوتنا فرصة سانحة لتحقق شي لهذا الشعب، شيئا من الحلم والطموح الذي راودنا لسنوات.
قراءة الواقع لا تسر، والشحن والتحشيد والتحريض يبشر بواقع مرير لن يستفيد منه أي طرف ولن يحقق أي هدف وطني وإنساني، وما التشكيلات والمليشيات القائمة ما هي إلا نتاج لهذا الواقع وهي الخطر الحقيقي الذي نواجهه، نكرر ماضينا الأسود وماسينا، ونؤسس لصراعات أبدية وتراكم من الثارات والأحقاد، لازلنا قابعين في ذلك الماضي بثقافتنا وسلوكنا وأعمالنا وعلاقاتنا، لا تغرك الشعارات الاستهلاكية، كم تغنينا بها ورقصنا على إيقاعاتها، والنتيجة صراعات وقتل وموت وأشلاء ودماء، هل نعتبر بها ونستوعب دروسها ونستلهم من نتائجها، أو تسيرنا أحقادها وضغائنها إلى حتميتها، حيث لموت للأخر ولا صوت يعلو فوق صوت.....