الحرب الإعلامية التي يكون موضوعها "المال" هي أكثر الحروب فعالية لكسر الخصوم، وهي من أخطر المعارك التي يؤدي إهمالها أو تجاهلها الى الهزيمة.
وفي بلد مثل اليمن، حيث ينتشر الجوع والفقر على نطاق واسع بسبب الحرب، وحيث يمضي الجنود في الجبهات المقاومة للانقلاب شهوراً من غير رواتب، إلى غير ذلك من مظاهر العوز والحرمان والتشرد بين المواطنين فإن نشر قوائم باستلام نخب سياسية تلك المبالغ الكبيرة من الحلفاء سيجد بكل تأكيد ردود فهل قوية وغاضبة بين الناس تؤدي إلى انهيارات قيمية كبيرة ما لم يتم نفي وتوضيح الموضوع، ووضع الأمور في نصابها الصحيح.
أن يتم هذا من قبل الجهة المعنية التي حملت القوائم أوراقها الرسمية، أقصد الأشقاء في المملكة، سيكون ذا قيمة حاسمة، لأن الصمت يظل محدثاً آثاراً سلبية، لا سيما وأن حالة الغضب الناشئة عن الأوضًاع الخاصة للناس تجعلهم يبحثون عن أي شيء، مهما كانت درجة صحته، للتعبير عن السخط.
المسألة أكبر من الواقعة التي أثارت هذه الزوبعة.. إنها تتعلق بمحاولة ضرب العلاقة بين التحالف واليمن في العمق بتصوير هذه العلاقة وكأنها مدفوعة الثمن لأغراض لا علاقة بتخليص اليمن من آثام المشروع الطائفي الإيراني وصياغة مستقبل أفضل لليمن في علاقته بمحيطه العربي.
توضيح الحقيقة بشفافية هو جزء من المعركة الإعلامية التي من شأنها أن تفوت على الآخرين فرصة استخدام هذه الأكاذيب في معركتها بتحريض الناس وإظهار الحرب وكأنها حرب بالوكالة proxy war كما تصنفها بعض التحليلات السياسية الهادفة إلى تغطية جوهر المشكلة الحقيقية التي يقف المشروع الإيراني الطائفي كمحرك لها في اليمن.
هناك من يريد أن يغرق "المقاومة الوطنية" للانقلاب ومشروعه الطائفي في قضية قيمية أخلاقية بهذا المستوى الذي تتبدد معه آمال الشعب في التغيير الذي يتطلع إليه باستعادة دولته. وعندما نطالب بتوضيح الحقائق بدرجة عالية من الشفافية فإنما لأننا ندرك حجم الشقوق التي تحدثها مثل هذه التسريبات والحرب الإعلامية وسط الناس وفي جبهات المواجهة.
المعركة مع هذا المشروع لا تقتصر على المواجهة بالسلاح ولكنها في جانبها الآخر حرب إعلامية وسياسية وقيمية- أخلاقية، ولا بد أن تتوفر كافة هذه العناصر في معركة بهذه الأهمية والشمول.
لا يمكن أن نفهم لماذا لا يقوم الأشقاء في المملكة بتوضيح الحقائق وهم يدركون الآثار السلبية للمعركة الإعلامية التي تستخدم فيها أوراقهم الرسمية.
لا يزال الأمر في حاجة إلى توضيح الحقائق، أما إذا كانت التسريبات قد تمت من داخل، وبعلم الأجهزة المختصة في المملكة فلا بد عندئذ من المطالبة بالتحقيق لمعرفة لمن سلمت هذه الأموال ولمن صرفت !!
يجب أن ندرك أن المال الذي يضل طريقه إلى غير الأهداف المرسومة لمعركة استعادة الدولة من المليشيات الحوثية سيتحول إلى قوة قاهرة بيد الخصم، ولذلك فإنه لا بد من التعاطي مع هذه المسألة بشفافية عالية تبدد اللغط الذي جعل منه البعض، ومن داخل بعض أجنحة الشرعية نفسها، وسيلة للتشهير وإثارة السخط العام.
لا بد من مناقشة موضوع المال بصورة عامة بشفافية ونزاهة في هذا الظرف وفاءً لتضحيات الناس وتقديراً للعبء الضخم الذي تحملته المملكة ومعها دولة الإمارات في التصدي لهذا المشروع في اليمن وتمكين اليمنيين من استعادة دولتهم، ومسئولية التحالف مع القيادة السياسية اليمنية مشتركة وتضامنية لتحقيق هذه الشفافية.