في الوقت الذي يصرخ فيه رعاع المجلس الانتقالي " المدعوم إماراتياً " برحيل التحالف في عدد من شوارع ومدن الجنوب، وتشتعل فيه إطارات الفوضى، وترفع شعارات الخراب والمناطقية، تعقد في قصر المعاشيق "القصر الجمهوري" بالعاصمة المؤقتة عدن واحدة من أهم الاجتماعات المصيرية المتعلقة بالجيش الوطني، الضامن الأول والحامي لمكتسبات الشرعية والوحدة وجهود التحالف. ثمة تنسيق رفيع تجاوز الحدود والقارات، أفضى إلى نتائج تصب في عروق الشرعية، ومستقبل اليمن الاتحادي. قبل عدة أيام قصيرة من كتابة هذه السطور، شهدت الساحة اليمنية تطورا في جديداً على صعيد مسرح التحرك العسكري لقيادة الجيش الوطني ممثلاً برئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن دكتور/ طاهر العقيلي، حيث التقى في العاصمة المؤقتة عدن بقيادات عسكرية عليا جاءت من الولايات المتحدة الأميركية، وأتبعها لقاءات أخرى مع قيادات عسكرية جنوبية " قيادات الجيش الوطني في الجنوب". المشهد يتحدث أن ثمة إنجاز قد تحقق، رغم الصمت والهدوء، تجاوزت نتائجه حدود الجغرافيا التي كانت أطراف التشطير تهدد بعدم تجاوز مساحاتها ومواقعها. بالأمس يلتقي رئيس هيئة الأركان القادم من مأرب محملا بغبار المعارك وهموم الجبهات والمناطق في العاصمة المؤقتة عدن بقائد القيادة المركزية الأميركية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل، في رسالة واضحة لكل العابثين بمستقل "الجمهورية اليمنية "عبر المشاريع الضيقة التي تصفق لنغمات المناطقية وتطبل لعناوين الانفصال. وصول شخصية عسكرية بحجم رئيس هيئة الأركان إلى العاصمة عدن، لم يكن عبثا ولا صدفة، بل جاء بتنسيق بين الجانب السعودي والأميركي، تمثلت في ترتيب مسبق لهذه الزيارة التي سيكون لها ما بعدها. واليوم يلتقي رئيس هيئة الأركان بكبار قادة الجيش الوطني في الجنوب الذين "لم تتشرف ساحات النضال في الشمال بزياراتهم إليها وفي مقدمتهم نائب رئيس هيئة الأركان اللواء الركن صالح الزنداني ورئيس هيئة العمليات الحربية اللواء الركن ناصر بارويس. الهدف الأول لرئيس هيئة الأركان مع قيادات الجيش في الجنوب هو التنفيذ الحرفي لتوجيهات الرئاسة التي تؤكد على سرعة تصحيح الاختلالات في القوات المسلحة من اجل بناء مؤسسة عسكرية صلبة تحمي الوطن وتحفظ حياة الناس وممتلكاتهم العامة والخاصة. أعتقد أن مشروع جديد قادم من أرض المملكة "أو ثمة قناعات جديدة لتحالف بما كان يطرح لهم من قيادات الجيش الوطني لهم،بضرورة دعم خطط الشرعية و الإسراع في لملمة أوصال الجيش الوطني المتشظي بين الشمال والجنوب الذي كان نقطة الوصل الوحيدة واليتيمة "بينها" هو القائد الأعلى للقوات المسلحة المشير هادي، لتأتي خطوة اليوم لردم الهوة في السلم القيادي، كي تلتئم تلك المساحات الشاغرة التي حاول البعض اللعب بين أوصالها. التقاسم السابق بين دول التحالف وتحديدا بين الامارات والسعودية،عبر تحديد مناطق ما بعينها تحت عناية السعودية وأخرى تحت رعاية الامارات، يعتبر خطأ كبيرا في بنية الجيش الوطني، كان سببا في خلق ثغرات ومغارات ومتاهات في مفاصل الشرعية وبنيتها العسكرية.
لقد حان الوقت لان تمنح قيادة الجيش الوطني السلطة الفعلية على الأرض بعيدا عن لغة الأبوة أو الرعاية أو غيرها من المسميات، التي أفرزت تداعيات سلبية على الصُعد النفسية والسياسية والعسكرية لكل الأطراف. التقديرات الخاطئة والحسابات الخاصة لأكثر من رأس أو جهة سياسية، لدول التحالف حول ملف الحرب في اليمن، ساعد على إطالة أمدها ووسع خسارتها، وتعددت رقعة الخلافات والحسابات بين شركائها. هناك الكثير من ملفات المرحلة الفائتة التي كانت حساباتها خاطئة، وبسببها خسرت الشرعية فيها الكثير، وخسر فيها التحالف الأكثر جهدا ومالا وسمعة ومواقف. إبقاء الملف العسكري بالصورة السابقة معلقا بين "أدراج أبو ظبي والرياض والشرعية"، أتاح نشوء خلافات وإنعاكاسات سلبية ستكون دول التحالف هي الضحية الاولي لنتائجها، خاصة عند الحديث عن " أبوظبي والمساحات الجغرافية التي باتت تحت سيطرتها والرياض والمساحات الأخرى التي تسعى لبسط نفوذها فيها. ما جرى في عدن من لقاءات وترتيبات خطوة في المسار الصحيح لرئيس هيئة الأركان، وقيادة التحالف، وشركاء اليمن، الداعمين لوحدته وقيادته الشرعية. من هنا يمكن القول ان ثمة إنجاز جديد يمكن أن يضاف إلى رصيد كل الاوفياء لهذا الوطن، ولكن هل سيصدق هولاء الشركاء في تحركاتهم أم ما تم هو عبارة عن مسكنات وقتيه توضع على جسد هذا الوطن،لحسابات جديدة.. اللهم لطفك باليمن.