قيل إن زليخا أمرت بجلد نبي الله يوسف- عليه السلام - فقال السجان ليوسف: لقد أمرتني الملكة أن أضربك لتسمع صوتك، ولكن سوف أضرب الأرض وأنت أصرخ.. فاستدعت زليخا السجان وقالت له :إن لم تفعل ما أمرتك به فلن تنجو من العقاب.. فقال السجان: قد فعلت يا مولاتي... فقالت: لا تكذب.. أنت لم تفعل، لانك لو ضربته لأحسست بلهيب السياط تمزق قلبي قبل جسده.. ومازلت اذكر تلك المرأة القروية التي تمتلك من الإحساس ما لا تمتلكه الكثير من المثقفات والمتعلمات والمتمدنات.. ونحن نأكل على مائدة واحدة وإذا سقطت اللقمة من يدها قالت (شلوني.. ابني جاوع). وأحياناً كانت تقول (بطني تحرقني يعلم الله أيش بولدي).. وفعلاً تتواصل مع ولدها و يخبرها أن هناك مشكله تواجهه.. إنه التواصل الروحي بين الأحباب، وهو من علامات الحب الحقيقي والإحساس بالآخر لا يحتاج طقوساً معينة أو ظروفاً خاصة.. فمن يحبك يحس بك، مهما كانت ظروفه أو مشاغله ولله در عنترة العبسي القائل: ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي و الإحساس بالمحبوب لات حجبه المسافات، ولا تشوش عليه أحلك الظروف، فقد ينسى المحب نفسه ويذكر محبوبه.. و لهذا غنى الفنان: سلامتك من الآه قبل ما تنزل صدرك أحسها بصدري والله بيا ولا بيك ليت الألم و الآه
وقد يبتليك الله بحبيب أو صديق أو قريب عديم إحساس.. تغطية الإحساس عنده تشبه تغطية شبكة النت في اليمن..
فالبعض لا يحس بك ولا يشعر بك إلا إذا كنت بجواره وأمام ناظره، وهو خالي البال مرتاح.. قد استلم راتبه وسدد ديونه ولا يوجد شيء يشغله و مع هذا يدعي أنه يحبك..
كلام قبيلي: أنا لا صاحبي موجوع أحس أن الوجع فيني
و أنا لا صاحبي زعلان يطيح الدمع من عيني
و أنا لا قال يوم الآه تتمزق شراييني