الرسالة الأولى: إلى كل من تولى أمراً من أمور هذا الشعب أين ستذهبو ن من التاريخ؟ الذي سيذكر أنكم قتلتم شعباً بأكمله من أجل الكراسي؟ وخنتم الأمانة وضيعتموها وبعتم واشتريتم بها؟ التاريخ الذي سيذكركم باللعنات ويمطركم بأقبح المسبات؟ بل أين ستذهبون من الله تعالى الذي سيسألكم عن كل حر يُذل، و كل عزيز يهان، و كل نفس تتضور جوعاً، وكل جسد يئن من المرض ولا دواء، و كل عار بلا كساء، وكل مشرد بلا مأوى؟ كم ستتحملون من الأوزار (وما أصبركم على النار(!!؟ ماذا ستقولون لرب العالمين؟ بماذا ستجيبون وأنتم في بحبوحة من العيش والشعب يعيش في الجحيم؟ وكيف يهنأ لكم مطعم ومشرب وهناك من يقتات أوراق الشجر؟ هل ستتحملون وزر ذلك الذي قتل أبناءه لأنه لم يجد ما يطعمهم؟ هل ستتحملون ذل ذلك الدكتور والمدرس والعامل والضابط الذي لم يعد يجد لقمة عيش إلا في قوارير المياه الصحية التي يجمعها من الشوارع والقمائم؟ هل ستتحملون وزر أولئك الذين أصابتهم الحالات النفسية جراء الأزمة الاقتصادية؟ ووزر أولئك الذين انتحروا وفضلوا باطن الأرض على أن يعيشوا على ظهرها بذل ومهانة؟ قولوا لي كم ستتحملون؟ وهل تقوون على النار؟ أم أنكم لاتؤمنون إلا بكروشكم و أرصدتكم ؟ الرسالة الثانية: إلى أخواننا في الدين والعروب .. أبعث إليكم رسالة شعب يحتضر.. شعب يموت أمام أنظاركم.. شعب هو أصلكم وفرعكم.. شعب هم أنصار دين الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم- شعب علم الإنسانية معاني التكافل والإيثار والعطاء والسخاء.. يوم تقاسم مع المهاجرين الأموال والدور والنساء ..شعب لم يحقد على أحد ولم يؤذ أحداً.. إن زرتمونا وضعناكم على رؤوسنا وتعاملنا معكم كأننا نحن الضيوف وأنتم أرباب البلد.. وإن زرناكم كنا أكثر الناس احتراماً لعاداتكم وتقاليدكم وقوانينكم.. شعب كان يقتطع من لقمة عيشه ليتبرع لإخوانه في البوسنة والهرسك وجنوب أفريقيا وفلسطين وفي كل بقعة من الأرض تحتاج المساعدة رغم قلة ما في يده.. وصفهم رب العزة في كتابه الحكيم بقوله (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة).. شعب يعجب كل العجب من تعاملكم معه وردة فعلكم تجاه محنته، فلا أنتم تداعيتم لإنقاذ عملته كما تداعيتم لإنقاذ الدينار الأردني، ولا انزعجتكم لانهيار رياله كما انزعجتكم لتدهور الليرة التركية.. بل إنكم خذلتموه وقسيتم عليه دون ذنب ارتكبه، غير أن ساسته يتقاتلون من أجل الكراسي والسلطة، فمريضنا يموت في مطار الأردن، وأغراضنا ترمى في قمائم مطار السودان لأننا نعاني من الكوليرا، ونُرش بمياه الصرف الصحي في مصر ويعتدي علينا الأمن بالضرب ،وترحلنا السعودية تحرم أبناء من استبقتهم من الدراسة، ويشدد علينا في جميع المطارات والمنافذ.. لم تؤلمكم صور جثثنا وأشلاؤنا.. لم توجعكم آهاتنا.. لم ترق قلوبكم لأيتامنا وأراملنا وجرحانا فقرائنا.. فأين ستذهبون من التاريخ؟ بل أين ستذهبون من الله تعالى؟ إخواننا في الدين والعروبة.. لقد كنا ذات يوم اليمن السعيد ذكرنا رب العزة والجلال في كتابه الكريم بقوله(بلدة طيبة ورب غفور).. والأيام دول فلا تأمنوا مكر الله ولا تغتروا بطيب العيش ورفاهيته.
أحلام القبيلي
"رسائل شعب يحتضر" 973