تمتاز عدن بواجهاتها السياحية، كالمعالم التاريخية المعروفة، والمعابد والمباني الأثرية، وسواحلها الجميلة ذات الرمال الذهبية، وجزرها المتناثرة البعيدة عن الضوضاء، والغوص للمتعة والاصطياد، وفيها الكثير من الحدائق التي كان يطلق عليها أبناء عدن (بجيشة ) وبستان الكمسري الذي صار اليوم ملاهي لألعاب الأطفال، ومكاناً للتناول القات، في عدن أكثر من كورنيش،كمتنفسات عائلية من الضغط الحياة العامة، في البيت وخاصة عندما ينقطع التيار الكهربائي، هذه الأيام الجو في عدن رائع بنسماته العليلة، يدفع بالعائلات للخروج من مساكنهم للتنزه والتنفس روحيا، بعيدا عن التفكير بالغلاء والحياة ومصائب هذه الأيام التي تنزل علينا بسبب الانفلات والتهور والطيش، والأخبار المزعجة والعزاء الذي لا ينقطع على المدينة لشهيد أو قتيل أو مغدور. الحدائق، أو المناطق الخضراء ذات الأشجار المعمرة والباسقة، في عدن تكاد تختفي، في مدينة المنصورة كان هناك حدائق، وصارت منظراً من الماضي الجميل الذي نتذكره فقط، هي اليوم بقايا أطلال لإعصار بشري، قلع أشجار معمرة تحكي تاريخا عريقا من عدن، كجريمة في حق عدن وجمالها الأخاذ، وفي حق الناس وذكريات حياة الطفولة بعدن، الجريمة طالت عدن في كل الأحياء والشوارع، وحتى الجولات والأماكن الخضراء بين الطرقات وفي محاذاتها. اليوم إذا فكر رب أسرة أن يأخذ أسرته وأولاده ليسترخوا في أحد كورنيش المدينة، كمثال فقط كونيش المنصورة، لا يجد مكاناً مخصصاً للعائلات، كل الكورنيش بمساحته الطويلة، مخصص اليوم لتناول القات، والمجانين والمعتوهين والمهلوسين، ولا يستطيع الأطفال أن يأخذون راحتهم في اللهو واللعب بدراجاتهم وألعابهم، لأن سياكل (الموتور) بالعدني ( الطرادة النارية)، اتخذت من الكورنيش طريقا سريعاً يهدد الأسر والأطفال والمتنزهين. مع العلم أن مسكن وزير الداخلية على خط الكورنيش، والحراسات المدججة التي تحرسه، فلما لا تحرس الكورنيش، وهي تتخذ من هذا الكورنيش مكان لتناول القات والحراسة، التي هي جزءا من مضايقة العائلات. الزائر لهذا الكورنيش وغيره في عدن، يلمس جهد رجال الأعمال وبصماتهم في تأهيل بعضا منها بمقاعد وضلالات، وبراميل للقمامة، وأمكن لحفظ السجاد، تستعمل للصلاة ثم تعاد لمكانها، كل هذا لم ينفع، بسبب عبث العابثين بكل ذلك، تحطيم ونهب وتخريب، بل واستخدام غير صحيح، والسبب لا توجد جهة مسئوله عن حراسة وحماية هذه الأماكن، جهة تفرض قوانين و وتمنع الاستخدام الخاطئ لهذه الأماكن، تمنع تناول القات، وتجول الحالات المرضية التي تشكل خطر على غيرها، حتى اللصوص والمحتالين، الذين يعكروا صفو المتنزهات والكورنيش. عدن اليوم تكتظ باللاجئين إليها من مناطق الاشتباكات ومناطق التي يسيطر عليها الانقلابين وانتهاكاتهم الصارخة، لكنهم يسيئون لعدن ويشوهون منظرها، مالم يلتزموا بنظام وقوانين صارمة تحد من ذلك، من المسؤول عن عدن اليوم ليفرض النظام والقانون على الجميع، ويحافظ على عدن؟ وأنا أفكر في كتابة هذا المقال شغلني سؤال، تخاطب من؟ وعدن تعاني انفلاتا أمنيا ونظاما وسلطة قائمة، تخاطب من لم يستطع حماية عدن من لصوص الأراضي، وعصابات النهب والاغتيالات، أو من يقوم بذلك، مرتديا زي الأمن أو القوات المسلحة التي تحكم عدن، تخاطب الدولة المهاجرة أو الذي يعبثون بعدن، تخاطب من؟ أخاطب ضمير أبناء عدن والمقيمين فيها الشباب الغيور على عدن لحمايتها من كل هؤلاء اللصوص والعابثين، ممكن كل منطقة تشكل حراسات لتحرس منطقتها وتحفظ النظام فيها وتقف موقف رجل واحد ضد العبث، وضد اللصوص والعابثين، وهم أضعف وأكثر هشاشة لمواقفه، ونحن في عدن إذا توحدنا سنكون أكثر قوة، لأن قضيتنا عدن التي تستحق التضحية.
أحمد ناصر حميدان
حماية متنفسات عدن 1363