ولد النبي- صلى الله عليه وسلم- يتيماً، مات أبوه وهو في بطن أمه.. ثم عاش لطيماً بعد وفاة والدته وهو في سن السادسة من عمره.. ثم فقد جده عبدالمطلب وهو في الثامنة.. عاش اليُتم المركب والفقر والحاجة حتى زهدت فيه المرضعات إلا حليمة السعدية.. وأي بلاء يعادل أو يساوي فقد الطفل والديه أو حتى أحدهما.. فاليُتم مصيبة عظيمة وخطبٌ جلل، وكان في يُتمه- صلى الله عليه وسلم- مواساة لليتامى وتعزية لهم، فقد أختار الله لكم ما اختاره لسيد البشر وإمام المرسلين وسيد النبيين، وقد غير هذا اليتيم مجرى التاريخ وكان نوراً وهدى وسراجاً منيراً، دانت له العرب والعجم وظل ذكره خالداً مخلداً حتى يوم الدين.. فيا أيها اليتامى، لكم في رسول الله أسوة حسنة، فلا يصيبكم الحزن والهم والاكتئاب، وشمروا وبادروا واصنعوا بأيديكم المستحيل، فكم من يتيم قاد الأمم وغيّر مجرى التاريخ وصنع مجداً لا يُنسى على مر العصور أمثال: الإمام الشافعي والبخاري والمتنبي وحافظ إبراهيم وياسر عرفات والشيخ أحمد ياسين وبيل كلينتون ونيلسون مانديلا وغيرهم كثير..
وفي يُتم النبي- صلى الله عليه وسلم- رد على أولئك الذين يتحدثون عن تبلد المشاعر بل وموتها فيقولون إن الإنسان إذا أصابته مصيبة أو مر بمشاكل نفسية أو اجتماعية فإنه يصاب بالحزن والاكتئاب والقلق و يفقد القدرة على التأثر والتأثير.. فتجد البعض من هؤلاء بعد المصيبة أو البلاء قد انكفأ على نفسه وفقد الإحساس بالآخرين، بل ربما يتوحش وتسيطر عليه رغبة الانتقام من كل من هم حوله، ويفرح بالشر يصيب غيره، فإذا افتقر كره كل الأغنياء، وإذا مرض كره كل الأصحاء، وإذا ترملت تمنت أن تترمل كل النساء، والأمثلة كثير. لهؤلاء درس في يتم النبي- صلى الله عليه وسلم- وكل ما مر به من نكبات ومصائب، فرغم هذا كله لم تتبلد مشاعره ولم يفقد الإحساس ولم يتعلم القسوة من الحياة القاسية التي عاشها، وكان رحمة للعالمين.. (فإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء) فيا من تبررون لأنفسكم الفشل والإحباط والأخطاء والعثرات والجرائم بدعوى فقدان الحنان والرعاية والاهتمام وقسوة الحياة.. (هذا رسول الله)
(في حب أحمد كم تهيم مراكبي وتتوه في بحر الغرام سفيني ماذا سأكتب والحروف تهيبت لما ذكرتك يا ضياء عيوني يا سيد الكونين يا نور الهدى يا من إلى لقياك طال حنيني) (أبو فارس المخلافي)