كانت حياة النبي- صلى الله عليه وسلم- ترجمة عملية لمعاني الإنسانية، ولو بحثنا عن المرادف الحقيقي لكلمة إنسان لكان محمد- عليه الصلاة والسلام-.. إنه النبي الإنسان الذي علم البشرية معاني الخير والسمو والرقي.. ومن المؤسف والمؤلم أن يكون من أتباعه من يسيء إليه ويرتكب أفعالاً جعلت العالم يتهم نبي الرحمة بالإرهاب.. مرهف الإحساس.. جياش المشاعر.. الرقيق. الشفيق.. النبي الذي أوقف الجيش وغير مساره من أجل طائر.. النبي الذي قال دخلت امرأة النار في هرة حبستها وغفر الله لبغي سقت كلباً.. النبي الذي يخالط الناس ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم وجدهم ومزحهم ويحترم مشاعرهم ويقدر عواطفهم، تؤرقه همومهم وتشغله حاجاتهم.. النبي الذي فرح بإسلام اليهودي وقال: نفس أنقذها الله بي من النار.. النبي الذي آذاه قومهم وقاتلوه فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء ودعا ربه (رب أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).. النبي الذي يلاطف ويواسي طفلاً صغيراً وجده حزينا على عصفوره الذي مات ( يا عمير ما فعل النغير).. يتهمون هذا النبي بالإرهاب.. النبي الذي تعدت رحمته الإنسان والحيوان إلى الجماد فيحتضن الجذع، الذي بكى شوقاً إليه ويبادله المشاعر حتى سكن ويخاطب جبل أحد عندما اهتز قائلاً (اسكن أحد إنما عليك نبي وصديق وشهيدان).. إنه النبي الإنسان، الرحمة المهداة للناس أجمعين، عربهم وعجمهم, مسلمهم وكافرهم, هذا رسول الله أيها القُساة.. يا عديمي الإحساس والمشاعر.. يا من تأكلون التراث أكلاً لما.. يا من تدعون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين.. يا من تقطعون أرحامكم ولا تهتمون لأمور المسلمين.. يا قاطعي الرؤوس.. يا مزهقي الأنفس.. يا من نزعت من قلوبكم الرحمة ولانتزع الرحمة إلا من شقي، وحاشا أن يكون الأشقياء من أتباع محمد- صلى الله عليه وسلم.
أحلام القبيلي
النبي الإنسان 1147