كان مقتل وتصفية قادة الجمهورية العظام ابتداء من علي عبد المغني والزبيري وأحمد عبد ربه العواضي ومحمد أحمد نعمان وَعَبَد الرقيب عبد الوهاب، ثم الاطإحة بالرئيس القائد عبد الله السلال في خمسة نوفمبر ١٩٦٧ هي الشق الأول للتسوية التي استقرت عليها أطراف الصراع بتصفية رؤوس النظام الجمهوري لتتمكن بعد ذلك من التوصل إلى طرح الشق الآخر للتسوية والمتمثل في استثناء بيت حميد الدين من أن يكونوا جزءاً من التسوية، ومن ثم العودة إلى اليمن، كشرط لصياغة التسوية النهائية. يخطئ من يعتقد أن شرط الاستثناء شمل بيت حمد الدين فقط، لقد سبقهم إلى تنفيذ شرط التسوية التضحية بقادة ورموز الجمهورية بالقتل أو بالعزل في فترات زمنية حسب ما سمحت به الظروف. الذاكرة السياسية اليمنية مفعمة بالنموذج الذي يشكل استدلالاً على أن المنهج الأقرب إلى حركيّة التاريخ السياسي اليمني هو أن الحرب التي لا يحسمها طرف تتولى هي نفسها التسوية بالطريقة التي تليق بها. ولنتذكر أن حرب السبع السنوات تلك حسمت أمرها بالطريقة التي كانت تليق بها بمجيء هجين من قوى استهلكت الجمهورية، وتكرر معها السير في طريق كان لا بد أن يفضي إلى المزيد من الحروب. طبعاً هذه ليست دعوة لاستمرار الحرب، هي مجرد استدعاء واقعة لنتذكر أن الحروب ليست نزهة يقررها كل من يجد نفسه قادراً على إشعالها.. التاريخ مليء بالعبر..
د.ياسين سعيد نعمان
عبر التاريخ 1438