سأعرض عليكم اليوم بعض المواقف التي تبين عظمة تعامل رسول الإنسانية مع المرأة، بحسن التصرف وقمة الذوق، وغاية الرفق: أول خلع في الإسلام: يقول بعض المرجفين إنه من الظلم أن يجعل الطلاق بيد الرجل، يتحكم في المرأة كيف يشاء، ولا يعلمون أن الله تعالى قد جعل للمرأة حق الانفصال عن الزوج وإن كان كارهاً، فلها أن تخلعه كما له أن يطلقها.. واقرأوا معي قصة أول خلع في الإسلام وتعامل نبي الرحمة معها- صلى الله عليه وسلم-: وقصة الخلع يرويها لنا الصحابي الجليل ابن عباس رضي الله عنه، فيقول: "إنّ جميلة بنت أبي بن سلول الخزرجية أتت النبي صلى الله عليه وسلم تريد الخلع، فقالت: يا رسول الله!، لا أعيب على ثابت بن قيس في دين ولا خلق، ولكني أكره الكفر بعد الإسلام، وإني لا أطيقه: بغضاً، وإنما والله ما كرهت منه شيئا إلا دمامته، فقال لها رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: أتردّين عليه حديقته؟ وكان قد أصدقها إياها، فقالت: وإن شاء زدته، ففرّق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما.. ويقال إن ثابت بن قيس- رضي الله عنه- كان قصير القامة شديد السواد. ولم يقل لها "استحي على نفسك، ما تفعلينه عيب أو حرام، الرجل ما يعيبه إلا جيبه، با تندمي، أدعو أهلها يتصرفوا معها، أو يتحدث عنها بسوء، أو يضرب بها المثل للمرأة السوء". وبهذا الحديث يستند فقهاء الإسلام: على أن المرأة إذا كرهت زوجها تردّ عليه المهر الذي أمهرها به، وتلك سماحة الإسلام ويسره. أجرنا من أجرتِ: ولما أجارت أم هاني بنت أبي طالب رجلين كافرين من بني مخزوم فرا إليها وهي زوجة لهريرة بن أبي وهبة المخزومي.. وجاء علي - كرم الله وجهه- ليقتلهما فأغلقت عليهما الباب، ثم ذهبت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأخبرته خبر الرجلين وخبر علي- كرم الله وجهه- فقال الرسول- صلي الله عليه وسلم-: "قد أجرنا من أجرتِ وآمنا من أمّنتِ"، فلم يقتلهما علي- كرم الله وجه-.. يعني لم يقل لها: "لا تكسري كلام أخوك، أنت امرأة ومالك وهذه الأمور، ما باقي إلا النسوان يجزعين كلامهن على الرجال". رحمته بالتائبة: وهل أتاك خبر تلك المرآة المؤمنة التي زنت وأتت إليه- صلى الله عليه وسلم- تطلب منه أن يقيم عليها الحد، فلما أمر بها بعد أن أمهلها إلى أن تلد وترضع وليدها حولين كاملين، فرجمت وأقبل خالد بن الوليد بحجر، فرمى رأسها فينضح الدم على وجه خالد، فسبها، فسمع النبي- صلى الله عليه وسلم- سبه إياها، فقال: "مهلاً يا خالد فو الذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو وزعت على أهل المدينة لكفتهم"، ورواية "لقد تابت توبة لو تا بها صاحب مكس لغفر له". يعني لم يُقر سبها بالسكوت عن خالد، وما قال: النسوان كسارات الظهور، وما قال الله يعز النسوان وإلا يشلهن. ونحن إذا سمعنا بامرأة ارتكبت جرماً أو حتى إذا ارُتكب بحقها كأن تغتصب، نكيل السباب والشتائم واللعنات لجميع نساء الأرض، والرجال عندنا مثل الريال مهما ارتكب أو أخطأ، والمرأة جُرم وإن لم ترتكب أي جرم.
أحلام القبيلي
النبي الكريم والقوارير 3 1118