بعد فشل كل من المبعوثين السابقين لليمن "بن عمر" وولد الشيخ" يناور السيد غريفيت من السويد كي يقدم للعالم نصراً وهمياً وتقدماً غير ملموس حتى اللحظة. مبادرته الأخيرة التي رفضت من الشرعية, حظيت من الساعات الأولي لها بمباركة وتأييد إيران, كونها مبادرة أو لنقل مقترحات ستعمل على شرعنة الانقلاب في اليمن, وتحويل الحوثيين من "شيعة شوارع وعصابات انقلاب إلى فصيل سياسي معترف بهم دولياً. هذه السِفاح السياسي الذي يقوده غريفيت وتسعى بعض الأطراف أن يكون مباركاً تحت قبة الأمم المتحدة، مرفوض جملة وتفصيلا، كونها مقترحات ستعمل على وأد أحلام اليمن وقتل مستقبل اليمنيين. مشروع غريفيت الذي أعلن عنه ويسعى للبدء في تنفيذه أو التعاطي معه في الجولات القادمة فتح شهية شيعة شوارع اليمن. حيث أعلنوا موافقة ضمنية لمقترحاته وأعلنوا القفز فوق المراحل بمراحل، فطالبوا بالدخول في العملية السياسية مباشرة، دون الخضوع للاتفاقات الدولية وقرارات الأمم المتحدة, التي تلزمهم بتسليم السلاح والانسحاب من المدن. وهنا نتساءل لماذا تستميت الأمم المتحدة في الدفع بالعصابات واللصوص إلى أن يكونوا شركاء المستقبل السياسي لليمن, ولماذا تتبنى الأمم المتحدة مشروع تفخيخ المستقبل بهذه الصورة وبهذا التعصب والتدليل للحوثيين. لقد باتت مهمات المبعوثين الدوليين إلى اليمن وغيرها من دول المنطقة، مهمات قذرة لتنفيذ مخططات تلغيم المستقبل واغتيال أحلام البسطاء من أبناء اليمن الباحثين عن السلام والأمان. دعونا نتساءل لماذا هذا الإصرار على تحويل القتلة إلى نبلاء واللصوص إلى فضلاء، والمجرمين إلى رجال سياسة. الحوثيون وعبر دعم العكفي غريفيت لهم, لا يتذكرون فضائحهم ولا أجرامهم، ولا اغتصابهم للسلطة وتدميرهم لكل مكونات الدولة طيلة السنوات الأربع العجاف, بل باتوا في ظل التدليل السياسي من المؤسسات الدولية, وفي مقدمتها الأمم المتحدة يحلمون بأنهم سيكونون قادة المستقبل وحكام الغد. هم يقدمون اليوم قبولهم بالشرعية, ومنحها جزء من حكومة المستقبل "حكومة شراكة" حوثية وشرعية " مع احتفاظهم بالسلاح وبقاء المدن تحت سيطرة ميلشياتهم, ما يعني حتمية قيامهم بانقلاب ثاني على بقايا الشرعية إن افترضنا ذلك، وما يعني أيضا اغتيال التوافق السياسي مجددا وعودة المواجهات المسلحة بين الطرفين, والعودة مرة أخرى إلى نقطة الصفر. غريفيت لا يبالي ان لم يكن متعمدا وهو الأرجح، تبنى أي اتفاق سياسي وأن كان على حساب الجمهورية والشرعية والثورة من أجل صناعة مستقبل الحوثيين. الحوثيون جماعة لا تعرف العهد ولا تعرف الوفاء، وليس في قاموسها مشروع سياسة أو بناء دولة، وإنما يسعون إلى تمكين سلالة، وإحلال إمامة, وكل هذه الجولات والصولات مع المجتمع الدولي ما هو إلا جزء من التقية السياسية التي تمارس لتمكين الاعتراف الدولي بهم, واغتيال بقايا الشرعية السياسية في اليمن, والإطاحة بمؤسساتها الباقية المتمثلة في الرئاسة وغيرها. تؤمن المليشيات الحوثية أن ذلك الحلم لن يتم إلا عبر مقترحات أممية، تستهدف الشرعية وتتجاوز روح القرارات الدولية, وقد قدمها غريفيت لهم على طبق من ذهب. أثبتت الأيام والمعاهدات والاتفاقات المحلية والدولية أن الحوثيين تيار لا يعرف الوفاء في العهود والاتفاقيات، فالغدر عندهم خدعة مشروعة والخيانة تكتيك لا مانع من ممارسته، راجعوا عشرات الاتفاقيات معهم ستجدون أن غالبيتها لم تصمد حتى يجف حبرها،.. فلا عاشت عيون الخونة ولا نامت أعين الجبناء.
أحمد عايض
هكذا يتم تفخيخ المستقبل السياسي لليمن 1166