الحياة شدة ورخاء، سراء وضراء، أفراح وأتراح، يوم لك ويوم عليك.. ويمر الإنسان فيها بمواقف ومصاعب تثقل كاهله وتكسر خاطره وتجعله يحتار في أمره ويقف عاجزاً أمامها لوحده، فيطلب المساعدة " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".. وصدق القائل: "والله أرحم من أن يذيقك وجعاً أنت تخففه عن الناس" والمساعدة قد تكون مادية وقد تكون معنوية "نصيحة، مشورة، شفاعة، مواساة، كلمة طيبة، تشجيع".. ولكن لن تمتد إليك يد كل من هرعت إليه مستنجدا، ولن يعينك ويغيثك كل من قصدته طالباً العون.. قيل لإعرابي: ما الجرح الذي لا يندمل؟ قال: حاجة الكريم إلى اللئيم ثم يرده!! ولهذا أردت أن أسدي إليكم هذه النصيحة:" لا تستعن بهؤلاء": لا تستعن بالشخص المستهتر الذي لا يعرف للمسؤولية معنى. ولا بالشخص المستهين بقدرك وبحاجتك. ومن لا يهمه أمرك. لا تسعن بالشخص الساخط المتذمر، الذي لا يرى في الوجود شيئاً جميلاً، لأنه يرى نفسه أسوأ الناس حظاً ولا يوجد من هو أكثر حاجةً للمساعدة منه، فإذا قلت له: " أنا مريض سيجيبك: حتى أنا مريض أكثر منك!!"، وإذا قلت له: أنا حزين.. سيقول: خليها على الله، لا تشكي لي أبكي لك!!.. وإذا قلت له: محتاج لك، قال: ما بنفعك، فاقد الشيء لا يعطيه!!! ولا تستعن بأحمق أو شخص عديم الخبرة، فيضرك أكثر مما ينفعك، " ويجي يكحلها يعميها" كما فعل الأعمش حين استعان برجل ليصلح بينه وبين زوجته فقال لها الرجل: " أن أبا محمد شيخ كبير، فلا يزهدنك فيه عمش عينيه، ودقة ساقيه، ونتن إبطيه، وبخر فيه، وجمود كفيه، فقال الأعمش: قم قبحك الله فقد أريتها من عيوبي ما لم تكن تعلم" ولا تستعن ببخيل، فالبخيل لن يمد يده بالمساعدة حتى لو كانت كلمة طيبة، أو نصيحة، أو مشورة. ولا ترج السماحة من بخيل فما في النار للظمآن ماءُ ولا تستعن بالمنان فإنه أن قدم لك العون " سيخرجه من نخرتك" وسيظل يمن عليك به طيلة حياته. ولا تستعن بظالم على ظالم فتكون كالمثل القائل: " كالمستجير من الرمضاء بالنار". ولا تستعن بشخص تعلم علم اليقين أنه لا يستطيع مساعدتك ومد يد العون لك فتحرجه وتضعه في موقف صعب.. ختاماً: اللهم لا تجعل حاجتنا إلا إليك.. ولا رجاءنا إلا فيك.. ولا أملنا إلا فيما عندك..
أحلام القبيلي
لا تستعن بهؤلاء 1230