تستطيع أن تعرف هوية الشخص وانتماءه الحزبي وأخلاقه والتزامه بدينه من خلال جواله، ومن خلال خلفية الشاشة والنغمة، ومقاطع الفيديو المخزونة في ذاكرته، فهذا أناشيد، وأسماء الله الحسنى، ومقاطع عن القبر والموت، وذاك أغاني وصور نانسي ومقاطع لنور ومهند.... وكذلك تستطيع أن تعرف الحالة النفسية من خلال النغمة والخلفية.. الجوال أصبح كالصندوق الأسود، يحمل بداخله أسراراً وأسراراً، وكم من جريمة كشفت خيوطها من خلال الجوال. الجوال سهل لعشاق الحرام التراسل والتواعد، وبعد أن كان العاشق يضنيه البحث عن مرسال بينه وبين من يحب، وبعد أن كانت الرسائل تسبب رعبا لكل عاشقة خوفا من أن ينفضح أمرها، فرسائل الجوال لا تحتاج لرسول ولا لمرسال، ولا للحرق أو التمزيق، وكل الحكاية ضغطة زر وأنتهى الموضوع. ورغم الحالة الاقتصادية التي يعاني منها الكثير إلا أن الجوال يستهلك نصف أو ربع المعاش، هذا والناس: رن لي وأرن لك أغلب الأحيان. وأعرف من يصرف أربعين ألف ريال لكروت الشحن.. طبعا ليس رجل أعمال، بل ربة منزل متزوجة مغترب. يعني يخسر دنيا وآخرة، فلن تزول قدما عبد حتى يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن وقته فيما أهدره، ولكن لابد أن ننتبه أن هناك فواتير أخروية ستدفعها حتما مقابل هذه الخدمات المجانية التي يقدمها لك الجوال أو تقدمها لك الشركات "البلوتوث، الكاميرا، المسحل، الرسائل". قال تعالى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولاً).. (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). وانظروا لجشع الإنسان تعرفوا كرم الله تعالى حين جعلوا للكلام قيمة نقدية، ونحن دايما نردد:" ليش الكلام بفلوس؟".. نعم بفلوس ما دمت تتحدث عبر شركة اتصال. ويكشف لنا الجوال وذاكرته مدى ما وصلنا إليه من انحطاط أخلاقي، وتفلت ديني، رأيت ذلك بعيني عندما اشترى ابن أختي الصغير جوالاً مستخدماً لما تصفحت ذاكرته صعقت لهول ما رأيت حتى قلت: " وأنا أقول ليش الشباب صايعين ضايعين، والله إنهم مساكين". "والله يجازي اللي كان السبب". على الأقل إذا أردت بيع جوالك وفيه هذه القاذروات امسحها، ولا تكن عونا للشيطان في نشر هذه القبائح. ومن المستقبح في نظري أن تستخدم المرأة جوالها في الشارع وعلى مرأى ومسمع من الرجال دون حاجة ماسة لذلك. والاقبح أيضا أن يرن جوالها بأغنية فيها من قلة الحياء الكثير، وأن ترد بخضوع بالقول، وأحيانا قد تضحك، أو تنكت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قبل الختام: لاشك ن لهذا الجهاز فوائد عظيمة لا نستطيع إنكارها، ونعمة من نعم الله تعالى، ولكن البعض من يصر على أن يستخدم نعمة الله تعالى في معصيته، وهذا ما نعينه في هذا المقال.
أحلام القبيلي
شيطان فون 2 1094