إذا تأملنا في كلمة حب وعكسنا حروفها لكانت "بُح" فالبوح بالحب هو أصل الحب.. وقد حاول عبدالحليم حافظ كسر جدار الصمت بين الأحبة، وفتح الأبواب أمام المشاعر المكبوتة أياً كان نوعها قائلاً: "قلي حاجه، أي حاجه قل بحبك، قل كرهتك قلي عايزك، قلي بعتك بس قلي حاجه" وكما أننا نجيد فن التعبير عن الكراهية وكل المشاعر السلبية، فإننا نجيد أيضاً فن التعبير عن المشاعر المحرمة.. فالرجل في علاقاته خارج إطار الزواج يحفظ أشعار نزار قباني ويتقمص دور مجنون ليلى، ولا يصف حبيبته المزعومة إلا بالقمر، فإذا دخل وإياها قفص الزواج الذهبي أدرك شهريار الصباح وسكت عن الكلام المباح. كما يظن البعض "وبعض الظن إثم" أن البوح بالمشاعر لا يكون إلا بين الزوجين فلا يسمع منهم الأبناء والآباء والأقارب والأصحاب همساً ولا ركزاً. ومن المؤسف والمحزن أن يجبرك من تحب على استجداء كلمة حب، فلا يقولها إلا في السنة مرة، هذا إذا لم ينسها بالمرة، كالطفل الذي يتمارض أو يفرح بجرح إصبعه لأنه متعطش لسماع كلمة حب من والديه اللذين لا يقولانها إلا في مثل هكذا مواقف ووجب علي التنبيه هنا إلى شيء مهم في مسألة البوح بالمشاعر والتعبير عنها، فخير الأمور الوسط ولابد أن يكون الإنسان معتدلاً في ذلك.. تقول الأستاذة/ وداد الكواري: لابد من الادخار، لابد من الاقتصاد للمستقبل والادخار لا ينحصر في النقود فقط وإنما يشمل ادخار العواطف وهذا ما لا يفعله الكثير، ففي السنوات الأولى من الزواج يبالغون في العطاء وإظهار الاهتمام والحب ثم يكفون عن ذلك مرة واحدة، أحياناً لنضوب العواطف التي استهلكت بتهور وأحياناً عن سأم. وتدل الإحصائيات على أن أغلب الزيجات التي تمت بعد قصة حب طويلة انتهت بالفشل لأن أصحابها استهلكوا مشاعرهم حتى لم يعد هناك جديد يقال بعد الزواج. كتم المشاعر مصيبة: حذر باحثون مختصون في أحدث الدراسات من أن الأشخاص المعتادين على كبت مشاعرهم وعدم الإفصاح عنها، قد يدفعون ثمناً غالياً من صحتهم وذاكرتهم وقدراتهم الذهنية. فقد وجد فريق البحث في جامعة (ستانفوردوتكساس) الأميركيتين أن إخفاء الأحاسيس وعدم إظهارها بصورة واضحة يضعف قدرة الإنسان على تذكر الأحداث والمواقف المميزة. ولاحظ هؤلاء بعد متابعة أكثر من /200/ متطوع، تم عرض فيلم مثير لعملية جراحية على /75/ شخصا منهم وتسجيل مشاعرهم وقدرتهم على إخفائها ودرجة تذكرهم للأحداث التي شاهدوها، أن الذين بذلوا جهدا أكبر في كبت استجاباتهم العاطفية لم يستطيعوا تذكر ما رأوه بصورة جيدة.. إذاً عبّروا عن مشاعركم، افتحوا لها الأبواب واكسروا جدار الصمت، عبروا عن حبكم، عبروا عن شكركم، عبروا عن إعجابكم، عبروا عن حزنكم وفرحكم، عبروا عن اعتذاركم وندمكم.
أحلام القبيلي
بُح بحبك 1166