كان العقلاء والصالحون تعرض الإمارة والمنصب عليهم فيعرضون عنها ويرفضونها ويفرون منها فرارهم من الأسد, لأنهم وعوا ما قالته السيدة عائشة- رضي الله عنها- وأرضاها حين قالت: (سمعت النبي- صلى اللّه عليه وآله وسلم- يقول:" لتأتين على القاضي العدل يوم القيامة ساعة يتمنّى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط).. القاضي العدل فكيف بالظالم والمقصر والمفرط؟ ألا تعقلون؟.. الإمارة أولها ملامة، وثانيها ندامة، وثالثها عذاب يوم القيامة.. إلا من عدل وليس يعدل مع أقاربه.. صحيح ليس يعدل المرء مع أقاربه فكيف مع شعب أو قرية أو مدينة أو مدرسة أو مؤسسة.. وعجباً لمن يعلم قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : "يؤتى بالوالي فيوقف على الصراط فيهتز به حتى يزول كل عضو منه عن مكانه, فإن كان عادلاً مضى وإن كان جائراً هوى في النار سبعين خريفاً".. ثم ينافس ويقاتل ويقدم الوساطات ويدفع الأموال من أجل أن يهتز على الصراط حتى يزول كل عضو منه عن مكانه إذا كان عادلاً.. المسئولية أو ما نسميها السلطة قال عنها رسول الله- صلى الله عليه وسلم-" نعمت المرضعة وبئست الفاطمة" أتعلمون لماذا؟.. نعمت المرضعة لما فيها من الجاه والمال والمكانة وغير ذلك من متاع الحياة الدنيا.. وبئست الفاطمة في الدنيا والآخرة، لأن كل هذا سيخرج من "نخرتك" إن لم يكن في الدنيا سيخرج في الآخرة.. بعد العز ذل.. وبعد الغنى فقر.. وبعد المدح ذم وهجاء.. وبعد الحراسة والمرافقين سيقودك العسكر إلى السجن.. فمن كبرت له كبرت عليه, ومن عظم أمره وسلطانه عظمت وكبرت متاعبه، وكما قالوا: راكب السلطة كراكب الأسد يوم على ظهره ويوم في بطنه. لا تختاروهم واحذروهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة، فإنك أن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها} متفق عليه.. يا رسول الله، هم لا يسألونها فقط, هم يتقاتلون عليها ويتناحرون, وفريق يستخدم الدين وآخر يستخدم القبيلة وثالث الأموال ورابع يستقوي بأميركا وخامس يطلب معونة إيران وخليها على الله يا رسول, ولهذا هم غير موفقين.. ونصيحتي للشعب: إياكم واختيار من يحرص على تولي المناصب, إياكم واختيار من يعرض نفسه عليكم واختاروا كل من يعرض عنها ويزهد فيها.
أحلام القبيلي
ملامة وندامة 1071