الهجر أقسى أنواع الفراق، لأنه فراق إرادي ويكون من طرف واحد وهو ترك الشيء والإعراض عنه.. ويقول نشوان الحميري: قال الطبيب لقومي حين جس يدي هذا فتاكم ورب البيت مسحور فقلت قد قاربت في صفتي عين الصواب فهلا قلت مهجور والهجر على قساوته ومرارته كالدواء ينفع لعلاج بعض الأمراض يقول تعالى في حق المرأة الناشز: "واهجروهن في المضاجع". وينصح العلماء من يريد التوبة والرجوع إلى الله تعالى بهجر أصدقاء السوء وأرض السوء، كما أنه وسيلة عقاب ناجعة ووحيدة في عالم الحب وكوكب المحبين. ولكل مفارق رفقاء لا يكادون يتركونه إلا مثخناً بالجراح وهؤلاء الرفقاء الثقلاء هم الشوق والسهر والدموع والذكريات والحنين والألم.. ليل المفارق طويل: ليلي وليلى سواء في اختلافهما قد صيراني جميعاً في الهوى مثلاً يجود بالليل ليلي كلما بخلت بالطول ليلى وإن جادت به بخلا وعيون سهرانة: يا ليل طل أو لا تطل.. لابد لي أن أسهرك لو بات عندي قمري.. ما بت أرعى قمرك ودموع هطالة: يقول كثير عزة: وما كنت أدري قبل عزة ما البكاء ولا موجعات النفس حتى تولتِ وذكريات موجعة: وما طلع النجم الذي يهتدى به ولا الصبح إلا هيجا ذكرها ليا أشواق وحنين: بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا
أحلام القبيلي
خطيئة الهجران 1077