علّقت الجماهير اليمنية آمالاً كبيرة في انعقاد مجلس النواب، لما له من أهمية بالغة في تجسيد قيم الديمقراطية التي ناضل وضحّى من أجلها اليمني كثيراً، وهو اليوم يرنو- بثقة- إلى المستقبل الذي يتحمّل فيه البرلمان مسئوليته التاريخية في إسقاط الانقلاب وتثبيت دعائم الشرعية وإن تأخر كثيراً في انعقاده، إلا أنه سيبقى في مستوى التطلعات وسيقوم بدوره ليقدّم للعالم أجمع الصورة الصحيحة عن الإنسان اليمني، الرافض للانقلاب على الشرعية الدستورية والساعي- على الدوام- لتثبيت الأمن والاستقرار وتعزيز مسار البناء والتقدم وجعل القوى الانقلابية مهزومة، لكونها لا تمتلك هذا المستوى الخلاق في العمل النيابي، الذي يشكل حضوره مفتتح زمن جديد ورؤية عميقة في تصحيح أخطاء الماضي، الذي- من خلاله- استطاعت القوى الانقلابية أن تحدث شرخاً في الحياة اليمنية، لكنها اليوم أمام الزخم الديمقراطي المعبّر عن كيان الدولة بشرعيتها الدستورية أعجز ما يكون عن التعبير الحقيقي في هموم وآمال وتطلعات الشعب اليمني ويضع كل القوى البائتة والميليشيات الحوثية والانتقالي مجرد انقلابيين خارجين عن سلطة الدولة والدستور والقانون. هكذا ستبقى القوى، التي لا تعبّر عن السلوك الديمقراطي والتي تحاول أن تكون- من خلال البندقية وليس من موقع البناء والتنمية- في موقع الفاشل تماما.. ولاشك أن انعقاد مجلس النواب سيمثل نقلة نوعية في مهام وأداء الحكومة، التي عليها أن تواكب التحولات الديمقراطية المهمة وأن تكون في مستوى المسئولية، وأن تدرك- اليوم- أنها أمام البرلمان، مراقبة ومحاسبة- أيضاً- ولم يعد بمقدور أيٍ كان أن يفلت من تحمل المسئولية.. فالبرلمان- كجهة تشريعية ورقابية وجهة محاسبة- أيضاً- من خلال برنامج الحكومة- هو الأقدر على جعل الحكومة تتجاوز عثراتها، وهو من يسأل ويحاسب ويحقق عن أسباب تراجع سلطة الدولة في الجنوب. وهنا ينبغي على التحالف أن يعيد النظر كرتين في علاقته بالدولة كشريك فاعل في إعادة الشرعية الدستورية، وفقاً للأهداف التي- من أجلها أعلنت عاصفة الحزم وإعادة الأمل ووفق قرار مجلس الأمن 2216.. هذا أمر بات ضرورياً للخروج من حالة الفلتان الأمني وتمكين سلطة الدولة من بسط كامل نفوذها الدستوري والقانوني على كل الأراضي المحررة وما بعد المحررة دونما تسويف وتسويق مغالطات، بات كل الشعب اليمني يدركها ويمقتها أيضاً.. وأولى للتحالف أن ينحاز بصدق إلى الشرعية الدستورية قبل أن يفلت الأمر وتضيع آمال وتطلعات الجميع في مهب الرياح. وبكل تأكيد فإن عودة الحياة إلى مجلس النواب سيكون له كبير الأثر في دعم التحالف في ذات الاتجاه الصحيح وإعادة المسار في حركة النضال الوطني إلى وجهتها الوطنية الخالية من أي نتوءات أخرى. وإذاً نحن أمام مفترق طرق حقيقية من خلال انعقاد مجلس النواب الذي سيقف- أيضاً- بصلابة في وجه الفساد والقضاء عليه دونما استثناء لأحد، في أن يظل فاسداً، يشتغل لمصالحه الذاتية، متجاوزاً قيم الانتماء الوطني وهو مالم يعد ممكناً، فمجلس النواب اليوم يدرك عظيم المسئولية الملقاة على عاتقه وهو أمام ملفات كبيرة وتاريخية لابد من حسمها- تماماً- لصالح الشرعية الدستورية وتطلعات كل اليمانيين وهو من سيقف بحزم وعزم وإرادة صلبة في مواجهة قوى الحوثية والانتقالي بمضامين وحدوية لا تقبل التراجع مطلقاً لصالح أهواء ورغبات قوى الارتهان.. وفي ذات المسار سيكون عليه أن يحقق في أسباب عدم عودة رئيس الجمهورية والحكومة إلى العاصمة عدن ومعرفة مكامن الخلل.. وعلى القوى- التي راهنت على فشل الديمقراطية- أن تعيد النظر في حساباتها وتتراجع عن غيها، فاليمن اليوم تعيد مسار التاريخ وعجلته إلى الاتجاه الصحيح..
أخبار اليوم/ خاص
سيئون تستحضر تجرية 48 عاما من البرلمان اليمني شمالاً وجنوباً 1620