في صنعاء دنيا كانت مخبأة لنا نحن عشاقها السريين ليست هذه مساهمة دعائية للحوثي ليتركنا في صنعاء بأمان، فالمدينة ملك لنا ونحن فقط من يملك شيفرة البوابة في بصمة العيون، نحن الذين لم نتعرف ذواتنا إلا في صنعاء، كنا قرويين مكتظين بالكتب والتطلعات الساذجة وحد طموحنا وظيفة بوساطة رئيس فرع المؤتمر. منحتنا صنعاء صوتاً وقوة قرار بشأن الأحزاب، منحتنا مقرات مؤسساتها الصحفية وآذان ساستها وهم يتصلون على غرار ما كان يفعل البركاني الرجل القوي في الحزب الحاكم: خفف علينا يا أستاذنا. منحتنا صنعاء شخصية وأطرافاً حديدية ومكانا تحت الشمس، فكيف نتخلى الآن عن كل الذي نحن عليه، عن الشجرة التي أسقطت ثمارها في طريقنا على سبيل الود، الصخرة التي من تمسك بها نجى في محيط متلاطم. في صنعاء إلى أن تحط اليمامة على كتفي، إلى أن ترسل الدنوة هكذا: اشتقت إليك ولو ساعة فقط نراك وتعود لحبيبتك. أحبك يا ذات الألف مئذنة ومائة سوق وسبعة أبواب، أحب لحظتك هذه وأنا وأنت نتبادل إيماءة مقام الوجد، مثل ابتسامة سرية بين الله وصوفي وجد المعنى وقال: زدني. في صنعاء بالتصوف وبمزاج الكتابة الحديثة، نرتدي بنطلوناتنا المنسية ونضع من آخر زجاجة عطر من أيام الهدايا، نترجل الأرصفة بسحنة عناد ووعود مسائية مرحة، وفي صنعاء نحن ربطات عنق تحاول انعاش ذاكرتها، وبالانتظار والحدة والتغابي وترديد المنسي من أغنيات قديمة. في صنعاء بعيني البردوني وريشة هاشم علي وبعكاز الكهل الجالس يتشمس بباب السبح، في صنعاء بغرامنا السري وعنادنا القروي. في صنعاء بسؤال محمود درويش: لم تهربوا وتتركوا نساءكم في جوف ليل من حديد؟
د. طالب محمود ياسين الخفاجي
لا تغضبوا يا أصدقائي 893