نجيب المظفر التأزيم- الذي تشهده المنطقة العربية- سيقود المنطقة برمتها لحرب نفوذ بين تحالفات دولية كبيرة، فإيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية ستشكل الطرف الذي سيواجه الطرف الذي سيضم أميركا وبعض الدول الأوربية إن لم تكن كلها وبعض الدول العربية وربما تركيا وستكون ساحة المواجهة المحتملة العراق وبلاد الشام، فالعراق وبلاد الشام هما بوابتا العبور للمنطقة العربية فمن حسم المعركة لصالحه فيها عَبَرَ للاستحواذ على المنطقة. وما ذاك إلا لكون منطقتي" العراق وبلاد الشام" ظلتا تمثلان ساحة مفتوحة للصراع العالمي المتكرر تاريخيا، ولهذا اعتبرتا منطقة معارك فاصلة على مر التأريخ من انتصر فيها استتب له الأمر وتسيد على المنطقة العربية التي هي قلب الكرة الأرضية، وتأملوا هنا- إن شئتم- مطلع سورة الروم التي قال الله فيها:(آلم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء) لتعلموا أنه ما سميت سورة باسم قوة عسكرية عالمية، وتصدر صراع نفوذها مطلعها عبثا، وأنها ما نزلت فقط لتسلية المؤمنين حينها بأن عاقبة المجوس الهزيمة بعد نصرهم، بل نزلت لتؤكد بآياتها تلك على هوية قوى النفوذ الدولي التي سيتجدد صراعها على مر التأريخ، ولتؤكد على هدف الصراع المتمثل بالسيطرة على قلب الكرة الأرضية الذي من سيطر عليه تسيد العالم، ولتؤكد كذلك على ساحة الصراع التي تمثل بوابة عبور للمنطقة ونقطة إلتقاء القوى المتصارعة، فأدنى الأرض الذي ذكر في الآية هي منطقة البحر الميت في الأردن والتي تعد أخفض منطقة على وجه الأرض والأردن وإن كان أهلها اليوم لا يعتبرونها من بلاد الشام كانت قديما من بلاد الشام. وعليه فإنه مالم يكن لدى من يصنع ويدير سياسة الصراع بالنسبة للعرب منطلق من منطلقات تأريخيه يربط من خلالها الماضي بمعطيات الحاضر ليستشرف المستقبل فإنه خاسر لامحالة فالتأريخ يعيد نفسه، والقوى الدولية كما يلاحظ المتتبع اللبيب لطريقة إدارتها لصراعاتها تنطلق من منطلقات تأريخية جعلتها تسير على نفس خطى من سبقوها في مسيرة صراع الاستحواذ والنفوذ فالقوم لم تغب عن أذهانهم ولا عن مخططاتهم حروب التتار ولا الحملات الصليبية التي كان هدف كل منهن السيطرة على المنطقة العربية التي قال أحد ساسة الغرب عن أهمية السيطرة على مصر فقط "بأن من حكم مصر حكم العالم" فكيف بباقي المنطقة التي تمثل في أهميتها القلب بالنسبة لباقي الجسد. فهل نحن متعظون؟!